الذهب يتجاوز 3400 دولار للأوقية    مذكرة تفاهم لتمكين الكفاءات السعودية لبناء مشاريع ريادية    تناقش التحديات الاقتصادية العالمية.. وزير المالية يرأس وفد المملكة في اجتماعات الربيع    السودان.. إعادة تشغيل 91% من أقسام الشرطة بالخرطوم    العراق: لا تهاون أمني رغم تعزيز العلاقات مع دمشق    رفضوا توظيف القضية لخدمة أجندات خارجية.. نواب أردنيون: «الإخوان» تستغل «شماعة فلسطين» لتقويض أمن الدولة    في الجولة 29 من روشن.. الاتحاد يعزز الصدارة.. وتعادل الهلال بطعم الخسارة    بحثا الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.. وزير الداخلية ونظيره العراقي يستعرضان سبل تعزيز التعاون الأمني    في الجولة 30 من يلو.. نيوم للصعود رسمياً لدوري الكبار    مُحافظ وادي الدواسر يفتتح دراسة مساعدي مفوضي تنمية القيادات    رأس الاجتماع الدوري للجنة السلامة المرورية بالمنطقة.. أمير الشرقية: القيادة الرشيدة حريصة على رفع مستوى الأمان على الطرق    "فلكية جدة": لا صحة لظهور الوجه المبتسم بسماء السعودية    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي في أكتوبر المقبل    إطلاق مبادرات مشتركة لخدمة المجتمع وترسيخ القيم.. الثقافة توقع اتفاقية مع "تيك توك" لتطوير مهارات المواهب    نحن والصمت    ظاهرة الكرم المصور    فوائد    حكاية أطفال الأنابيب (1)    الريادة في الأمن السيبراني    نظام للتنبؤ بالعواصف الترابية    الأمير بندر بن سعود: دعم القيادة للتعليم صنع نموذجاً يُحتذى به عالمياً    محافظ الطائف يناقش احتياجات سكان المراكز الإدارية التابعة للمحافظة    محافظ الطائف يرعى بعد غدٍ ملتقى "افهموني" بمناسبة اليوم العالمي للتوحد    "تعليم الطائف" تحتفي باليوم العالمي للغة الصينية    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة (أمان ) بالمنطقة    هل ينتهك ChatGPT خصوصية المستخدمين    تهديدات تحاصر محطة الفضاء الدولية    أمير القصيم يكرم الطلبة والمدارس بمناسبة تحقيق 29 منجزًا تعليميا دوليا ومحلياً    فرص الابتعاث الثقافي في قطاع السينما    ميغان ماركل متهمة بالسرقة الفكرية    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يتفقد فرع المدينة المنورة    محافظ الزلفي يدشّن اسبوع البيئة تحت شعار بيئتنا كنز    توطين 41 مهنة في القطاع السياحي    قطاع ومستشفى بلّسمر يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لشلل الرعاش"    فوائد اليوغا لمفاصل الركبة    مستشفى خميس مشيط العام يُفعّل "التوعية بشلل الرعاش"    محميات العلا.. ريادة بيئية    مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرضه الثاني "مَكْنَنَة"    إرث «الليث» بريشة الفليت    ولادة مها عربي في القصيم    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    "تمكين الأوقاف" تحتفي بتخريج دفعة الزمالة المهنية    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفيري المملكة في الأوروغواي الشرقية وموزمبيق    الهلال الأحمر: فتح التطوع لموسم الحج    في الشباك    العميد يقترب من الذهب    ساعة الصفاة    رئيس الشورى يعقد جلسة مباحثات مع رئيس الجمعية الوطنية الباكستانية    حرس الحدود ينقذ مواطنًا من الغرق بالمدينة    الهلال يتعثر بالتعادل أمام الشباب    الحريد من المحيط إلى الحصيص يُشعل شواطئ فرسان    وزير الطاقة يستقبل السكرتير التنفيذي لدولة رئيس الوزراء الهندي    سما بنت فيصل تشكر القيادة لتبني ودعم مبادرة رسل السلام ب 50 مليون دولار    زيارة رئيس قطاع بلديات منطقة الرياض لمحافظة السليل    رؤية جديدة لمؤسسة الإنتاج والبرامج المشتركة    أمير الرياض يضع حجر الأساس لمشروعات تعليمية في جامعة الفيصل بتكلفة تتجاوز 500 مليون ريال    التفاخر بالتبذير وتصوير الولائم    وزير الرياضة يحضر سباق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 للعام 2025 في جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرنفال الغياب في «صوتها حفلة شاي»
نشر في عكاظ يوم 06 - 06 - 2015

تدخلنا الشاعرة إيمان الطنجي، في مجموعتها الشعرية الموسومة : «صوتها حفلة شاي» مباشرة في دوار الحبر، إذ منذ البدايات نحن أمام استحالة تقف بين تخوم الصمت الكبير ، والبوح الذي يريد اختراق كثافة طاغية تمنع العبارة من تحقيق وجودها..، «مأزق.. هو التصريح بمكنونات الجروح العالقة/ لا أسرار تتفشى من قلم/ سن بمبراة ذاكرة لا تنسى عويل صمتها./ ص 9.» .. هذه الاستحالة تشكل البؤرة المتوترة لمنطلقات قصائد الديوان، والبوصلة التي توجه شاعرة مهجوسة بتجربة الاختراق و التمرد على الأوضاع السائدة التي تفقد للمرأة حضورها، ودورها في تأنيث الوجود ومنحه البهاء الذي يبقى.. «كان علي أن أكون/ كرنفالا للموت/ أو ساقية مهجورة / يقيمون حولها احتفالات النسيان. ص 15.».. هذا الرفض للنسيان و محاولة بناء عالم آخر، من خلال تأسيس الوجود المختلف، و إعادة تسمية الأشياء، بوضعها في سياقات جديدة، تجاهر بالحلم و الرغبة والتمرد، وإبداع الاستثناء الذي يضع المرأة في الأفق المحرر، باعتبارها سيدة الخلق وحارسة الحضارات، وملهمة القادم من تحولات.
وهذا التمرد هو مقاومة فاعلة، وانفتاح على الوجع وصبر على كل ما يعيق ذلك: «كلما لبس التاريخ ثوبا/ مزقته مخالب الأعراف. ص 42.» .. الشعر في تجربة إيمان الطنجي يحتفي بهمس يقارب الصمت، بكل ما يقع في الهوامش المنسية، والزوايا الظليلة، والدواخل المسكونة برغبة الانطلاق، ولكن الصرخة تتجه إلى الأعماق، ولا تجد مخارجها، والطائر الذي يريد الطيران يتفقد أجنحته بتوجس ويشعر بالتردد، كأنما هناك هوة سحيقة بين الواقع الذي تعيش فيه الشاعرة، وترغب في تحويله، والذي يتمنع بشراسة، وبين القصيدة التي تبدع عالما آخر، لكنه يبقى على صعيد الحلم والأماني، وهذا ما يجعل القصيدة تعيش توترها العالي، وتجاذباتها النافرة، نازفة بحرقة بحرقة، مستعينة قاموسا يحاكي الطبيعة مستنفرا عناصرها كالريح والمطرو الجفاف والرعد
والطين والصقيع كما تدل على ذلك عناوين القصائد ومضامينها، صانعة بذلك الفجوة أو مسافة التوتر كما يسميها الناقد كمال أبو ديب.. هكذا يتأسس المعجم الشعري للشاعرة في ذلك الأفق الذي ينفتح على حوارية الداخل والخارج، الذات والعالم، بمحاولة لإيجاد الصيغة السحرية التي تتيح استراحة للمحاربة التي تمزقها الخيبات
والانهيارات، ولكنها مع ذلك تصر التجاوز والتخطي: «تخرج من الأرض/ خالعة عنها أحمالها../ مستبشرة. ص 12.».. هي كالفراشة الذاهبة إلى النار لتحترق محققة التسامي نحو المجهول.. بلهفة الخطر وحس التشظي. جدلية الحضور والغياب تأخذ في الديوان أبعادا تأسيسية لخطاب شعري يختار بنية الهشاشة، وتفكيك البلاغة القديمة من خلال تكثيف التناقضات، والاسترسال في البساطة الآسرة مخففة النصوص من ثقل قد يلجمها. معبرة عن التوتر، والتداعي الحر الذي يبتعد عن أدوات الربط والعطف، ويركز على التنويع على بنية الجملة التي يسودها الانهمام بالجملة الوصفية الاسمية، كأنما القصائد أحلام تتداعى
وتنتشر على بياض منفلت. وهنا يحضر ذلك الاختبار المتواصل للمعنى المتشظي، وللقلق من خيانة العبارة، وعسر التأويل، لأن الكتابة هنا هي جسد ثان يسبر أغوار الذات في احتراقاتها وتحولاتها.. حيث نجد أنفسنا أمام القصيدة الحالة: «محرقة لمآسي التأويل أنت/ يرسمك الحزن ضحكة ضجر. ص53.».. والجسد الفردي يتقاطع مع الجسد الجمعي في التزام لا يأخذ النبرة الصارخة، ولكن يتجلى في التأمل الشفاف للمصائر التراجيدية للبشر المساقين إلى المنفى والاقتلاع والرحيل، واغتصاب أرضهم وتاريخهم كما في قصيدة «يافا» : «قبل أن يولد القمح على شفة السنبلة/ بصقني البستان./أرضي منابع شمسك/ أنهار ولهى أثلجها صقيع المنافي.ص79.» .. إن قصيدة إيمان الطنجي تحفر عميقا في ترسبات المكبوت بتشكلاته المختلفة، وتجلياته المسكونة بالرغبة المحرقة في رسم تضاريس أخرى للروح وللمآلات النازفة.. ويحفزها الأمل الذي يدلها على ينابيع المعنى الهارب في طبقات الحنين لعالم يولد بعنف البدايات القصية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.