هذا هو التساؤل الذي نسمعه مرارا وتكرارا من كل من كانت له معاملة من أي نوع في أي مؤسسة رسمية، والقصد من هذا السؤال الاستنكاري إظهار الاستغراب والاستهجان من أنه كان المتوقع والمفترض مع دخول أجهزة الحاسب الآلي إلى الإدارات الرسمية أن تلغى كل إجراءات الروتين والبيروقراطية الورقية التي تجعل الإنسان يراوح بين الإدارات المختلفة لأسابيع وأشهر وحتى سنوات لأجل معاملة واحدة، لكن الذي حصل ليس فقط أن إجراءات الروتين والبيروقراطية الورقية لم تتغير بل أضيفت إليها تعقيدات إضافية تتعلق بإدخال معلوماتها لنظام الحاسب الآلي ومطابقتها مع الأصل الورقي وتصديرها عبر الحاسب الآلي من إدارة لأخرى.. و..إلخ.، وأضيف لحجج الموظفين التي يصرفون بها المراجعين ليتابعوا تضييع وقت دوامهم حجة أن النظام معلق.. والباسورد مفقود.. والكومبيوتر خرب، مع العلم أنه في كثير من الأحوال يكون المراجعون معطلين لأعمالهم بل يكونون مسافرين من مدينة لأخرى فقط لأجل إنهاء إجراءات المعاملة، والأمر تتضاعف صعوباته بشكل لا متناهيا عندما تكون المعاملة لامرأة وليست كل امرأة لديها من يقوم بمعاملاتها بالنيابة عنها وليست كل الإدارات لديها أقسام نسائية وليست كل الإدارات تتبع التعليمات بالنسبة لقبول مباشرة المرأة لمعاملتها وقد تتعرض المرأة للطرد ممن يعتبرون أنه من غير الجائز أن تدخل امرأة لمكتب رجال ويصروا على أن تأتي بوليها وهي لا تجد من يمكنه القيام بهذا الدور، وتعاني من تكلفة وصعوبة المواصلات، والمأمول توظيف أكثر فاعلية وكفاءة للتكنولوجيا للاستغناء عن إجراءات الروتين والبيروقراطية الورقية التي باتت مثار تندر وتذمر الجميع واستبدالها بنظام الحكومة الإلكترونية حيث يصبح ممكنا أن ينهي الإنسان كل المتطلبات الرسمية عبر إجراء واحد بدون الحاجة للركض بين الإدارات والمباني والطوابق والمدن المختلفة لكي ينجز معاملته..