قد لا يكون نديم قطيش أول إعلامي لبناني يتحرر من إرهاب حزب الله ويوجه سهام نقده إلى حسن نصرالله، فقد سبقه في هذا المضمار عدد لا بأس به من الإعلاميين اللبنانيين الأحرار الذين وجدوا أن بلدهم الصغير الجميل أصبح متورطا بصراعات خطيرة دامية بسبب التزام حزب الله بالأجندة الإيرانية، وثمة عدد من هؤلاء الإعلاميين والصحفيين الذين دفعوا ثمنا مريرا لصراحتهم، ولكن ميزة نديم قطيش أنه اتخذ السخرية وسيلة لتعرية سياسات حسن نصرالله وإعلام الممانعة، والسخرية كما هو معلوم سلاح بالغ التأثير وسريع الانتشار ويصل إلى الهدف مباشرة دون مقدمات. ثمة ميزة أخرى يجب أن نسجلها كعرب وخليجيين لنديم قطيش، وهو أنه خالف كثيرا من الإعلاميين اللبنانيين الذين يحرصون على إخفاء أي مشاعر محبة أو مودة أو تأييد لدول الخليج وشعوبها إما بسبب كبر لا مبرر له أو خوفا من اتهامهم بالاستفادة المالية، وهو واقع مؤسف ويحزننا كخليجيين لأننا نحب لبنان وأهله ولا نتوقف عن دعمه وندرك أن أغلب اللبنانيين يبادلوننا المشاعر ذاتها ولكن رغم ذلك فإن أغلب ما يصلنا من الإعلام اللبناني هو الهجوم المجاني الذي يندر أن نجد من يتصدى له من إعلام لبنان، ولا شك أن دول الخليج شريكة في هذا الواقع الإعلامي اللبناني العجيب لأنها منذ نصف قرن حرصت على دعم دكاكين إعلامية وصحفيي شنطة لا مصداقية لهم، فأصبح الصحفي الحقيقي يتحرج من قول كلمة الحق كي لا يوضع في سلة واحدة مع الإعلامي الرخيص. على أية حال، قد تكون نجاحات نديم قطيش مؤقتة ومرتبطة بالهيمنة الظالمة لحزب الله على القرار اللبناني وقد يواصل مسيرته ويتحول إلى واحد من أهم المعلقين التلفزيونيين العرب وهذا أمر غير مستغرب لأنه يملك الموهبة والحضور القوي والثقافة السياسية الواضحة، ولكن الأهم هو خروجه عن السرب وعدم تردده في إبداء وجهة نظره في هذا الزمن اللبناني الصعب، فلولا وجوده هو وبعض الصحفيين الأحرار لفقدنا الثقة بحرية لبنان الإعلامية التي كانت دوما محط إعجاب العرب، فحزب الله لم يكتف باختطاف القرار اللبناني بل حاول أن يؤدلج حتى الهواء اللبناني تحت شعار المقاومة الزائفة وذلك من خلال اتهام أي شخص ينتقد سياسات الحزب المتهورة بأنه يعمل لصالح إسرائيل وأمريكا وحلف الأطلسي!، رغم أن هؤلاء المنتقدين يخافون على مصلحة لبنان ومستقبل لبنان ولا شيء غير لبنان بينما حسن نصرالله هو الذي يغامر بلبنان واللبنانيين من أجل خامنئي وبشار وعبدالملك الحوثي!.