بعد أربعة أسابيع على انطلاقها انتهت عاصفة الحزم محققة أهدافها الاستراتيجية الأولية والمعلنة فضربت القدرات العسكرية لدى المليشيات الحوثية التي استولت عليها من جيش اليمن أو من خلال الجسر الجوي الممتد من طهران، كما شملت عاصفة الحزم ضرب قدرات القوات الموالية للرئيس اليمني السابق التي كانت تشكل تهديدا لليمن وللدول المجاورة والمنطقة برمتها، فضلا عن السيطرة على الأجواء والمياه الإقليمية لمنع وصول الأسلحة إلى الميليشيات الحوثية مستقبلا والمحافظة على السلطة الشرعية وتأمينها وتهيئة البيئة المناسبة لممارسة مهامها. الآن الكرة ترمى في ملعب القوى اليمنية المختلفة التي ينبغي عليها إذكاء الروح الوطنية والشعور بالحس الوطني وتلطيف الأجواء في العلاقات الملتهبة في المرحلة القادمة التي ستكون بموجب «إعادة الأمل» مزيجاً من العمل السياسي والدبلوماسي، إذ يتوجب على جميع الفرقاء في الساحة اليمنية بما فيهم الحوثيون أنفسهم بتحولهم لحزب سياسي شأنه شأن بقية الأحزاب أن يتلقفوا هذه الفرصة لإحراز تقدم في العمل السياسي وبسط الأمن والاستقرار في البلاد والذهاب بها إلى عتبات التنمية، بعيدا عن الاستقواء بالخارج واستخدام القوة العسكرية. في واقع الأمر لم تكن عملية عاصفة الحزم سوى وسيلة لحماية اليمنيين وشرعيتهم وردع ميليشيا الحوثيين، ومنع تهديدهم للدول المجاورة، إن عاصفة الحزم لن تتوقف فعليا إلا بإلقاء السلاح الذي تستقوي به الميليشيات على الدولة الشرعية والشعب الأعزل. لن تترك دول التحالف أن يتحول غيظ هذه الجماعات وحنقها والأطراف المتحالفة معها إلى انتقام على الشعب اليمني وممن يخالفونهم من المدنيين الذين وصل بهم الحال مبلغه من المعاناة والظروف المعيشية السيئة في دولة تعاني أصلا منذ سنوات من ضعف هيكلي في الخدمات الأساسية والإنسانية. إن إعادة الأمل استمرار للحزم وعنوان للعزم. إن أبرز الأهداف التي ينبغي أن تحققها عملية إعادة الأمل هو أن تكحل عيون أشقائنا اليمنيين التي يحاول الآخرون فقأها، وذلك من خلال تكثيف المساعدة الإغاثية لهم ووضع حل لمعاناتهم المتفاقمة والأزمة الإنسانية الصعبة التي ليس أقلها انقطاع الخدمات الأساسية عن المدنيين، فلم يعد خافيا الأحوال الإنسانية الصعبة التي يكابدها سكان اليمن والتي وصلت إلى مستويات مخيفة في ظل نزوح آلاف العوائل وتركهم منازلهم ونزحهم إلى الأرياف والمناطق الأخرى التي تعد الأشد فقرا هربا من المواجهات وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية الشحيحة أصلا وانعدام تام للكهرباء والمشتقات النفطية والرعاية الصحية. ونحن نتحدث عن الوضع الإنساني في اليمن وحتى نحفظ لأهل الفضل فضلهم كان لابد من الإشارة للفتة الكريمة لملك هذه البلاد المباركة الملك سلمان حفظه الله واستجابته العاجلة للنداء الذي وجهته الأممالمتحدة لتوفير دعم مالي عاجل لتلبية الاحتياجات الإنسانية لنحو 7.5 ملايين شخص باليمن خلال الأشهر الثلاثة القادمة نتيجة للوضع الإنساني السيئ، حين أمر بتخصيص مبلغ 274 مليون دولار وهو ذات المبلغ الذي طلبته الأممالمتحدة لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن. لكن تفاقم الوضع الإنساني والمتدهور كل يوم نتيجة صلف الانقلابيين ومحاصرتهم للمدن والمحافظات اليمنية يبقى هناك حاجة ماسة لتوفير تمويل إضافي لتقديم الإغاثة الإنسانية المطلوبة بشدة للسكان في اليمن خلال الأشهر القادمة من خلال تدخل دولي وإقليمي ومساهمة جميع المانحين في معالجة الحاجات الإنسانية في اليمن لأن كل التبعات الإنسانية التي ستتضح آثارها بعد الحرب ستتحول إلى مشاعر غاضبة وحانقة على الجميع، فالإنسان العادي لا يدرك تعقيدات الموقف ولا يهتم كثيرا بالبحث عن أسباب ما وصلت إليه الأمور، فتلك قضايا لا تشغل باله حين يتضور جوعا وتنقطع عنه كل الخدمات الأساسية كما أنه لن يطيل البحث عن المتسبب ولن يجتهد لمعرفة مبرراته وسيوجه كل حسب درجة قناعاته جام غضبه إلى من يتصورهم مسؤولين عن مأساته. لقد حان الوقت لتضميد الجراح وبدء الحوار والعودة إلى العمل السياسي بعد كسر شوكة المعتدين وردع التوغل الإيراني في اليمن وعبثه في المنطقة والتأكيد والتشديد على عدم معاودة استمراره.. وعلى الرئيس السابق والحوثي أخلاقيا ووطنيا ودينيا أن يوقفا نزواتهما ورغباتهما الذاتية وعنادهما بعد أن أوصلا البلد إلى حافة الفوضى والتشرذم والاقتتال والجوع ومباشرة العمل على الخروج الفوري والعاجل لقواتهما من المدن اليمنية التي يمارسون عليها أشد أنواع الحرب والدمار والبدء بعملية تسليم أسلحتهم الثقيلة للحكومة اليمنية الشرعية، وإيقاف الدماء التي نزفت ظلما وعدوانا والمعاناة الإنسانية التي تصيب كل اليمنيين دون استثناء والبحث عن سبل إيقافها من أجل لملمة الجراحات ومحاولة إعادة بناء مؤسسات دولتهم وإخراجها من النفق المظلم الذي دخلته بسبب حماقاتهم وتصرفاتهم الرعناء غير المحسوبة.. ودمتم سالمين.