لتسهيل مهمة رجال الصحافة والإعلام وتمكينهم من الحصول على المعلومات الموثقة من مصدرها، أخذت بعض الأجهزة الحكومية تعين متحدثين رسميين تابعين لها أوكلت لهم مهمة الإجابة على استفسارات الصحفيين عن أي أمر يخص ذلك الجهاز الحكومي من وزارة أو وكالة أو إدارة، وقد كانت الخطوة بناءة ونافعة حيث أصبحنا نقرأ في الصحف تصريحات ومعلومات وبيانات مصدرها متحدثون رسميون تجيب عن التساؤلات وتوضح الحقائق وتقدم المعلومات، وأمسى أولئك المتحدثون نجوما لامعة عبر وسائل الإعلام المختلفة. ولكن يبدو أن لكل قاعدة استثناء فإن توسع ذلك الاستثناء فقد يصبح مع مرور الأيام هو القاعدة لأن بعض الصحفيين أخذوا يشكون من تصرفات بعض المتحدثين الرسميين عند اتصالهم بهم للاستفسار عن أمر يخص الجهة التي يتحدثون باسمها حتى يأخذوا المعلومات التي يبحثون عنها من مصدرها، فإما أن يجدوا هاتف المتحدث الرسمي مغلقا على الدوام فلا يمكن الاتصال به ولا يرد على الرسائل الهاتفية النصية، وإن «صادوه» وهاتفه مفتوح تهرب من الرد على تساؤلاتهم أو رفض التعليق عليها، لأنه متحدث لا يتحدث ولا يريد أن يتحدث وكان الأولى به الاعتذار عن تولي مهمة ليس أهلا لها فلا يبقى فيها مهما كانت مبررات تهربه من التجاوب مع وسائل الإعلام أو تعلن جهته أنه ليس لديها متحدث رسمي فيسعى الإعلاميون للحصول على معلومات عنها بوسائلهم الخاصة. ولعل أحدا يحاول التماس الأعذار لهذه الفئة من المتحدثين بزعم أن بعض أسئلة الإعلاميين محرجة أو تدور حول سر من أسرار الجهاز إن كان لجهاز إداري أو مالي أو فني من أسرار!، أو أنهم يخشون أن تؤدي تصريحاتهم وردهم على الأسئلة الصحفية إلى غضب رؤسائهم عليهم، ولكن كل ذلك لا علاقة له بالعمل الذي تقلده المتحدث الرسمي فإما أن يكون فعلا على قدر المسؤولية ومحل ثقة من عينه ولديه القدرة على تجاوز ما هو محرج من أسئلة وما هو غير قابل للذيوع من أسرار، وإلا فإنه يكون غير جدير بعمله فيتم اختيار غيره، أما أن يظل متحدثا رسميا لا يتحدث، يغلق جواله ولا يرد على هاتفه الثابت وإن رد سهوا تأفف من أسئلة المتصل فإن عليه أن يترك عمله لغيره بسلام!!.