من حق جيلي والأجيال الحاضرة والقادمة أن تفتخر بتاريخ الرجال الذين ساهموا في بناء اقتصاد بلادنا فحفروا الصخر ليشيدوا البناء والإنتاج وكافحوا وجاهدوا من أجل أن يمهدوا الطريق للأجيال القادمة. بنوا مجدهم بالعمل الصادق المعتمد على مخافة الله فأوفوا العهود وزرعوا الثقة في التعامل ونشروا التسامح والخلق الرفيع في التعامل. وإذا كان قد سبقني الكثير في الحديث والكتابة عن الشيخ عبدالرحمن فقيه إلا أن حديثي في مقالتي اليوم يأتي من كاتب ورجل أعمال أختلف معه بالرأي وأحتفظ له بالمحبة والتقدير وأسجل له كلمة حق في سيرته المشرفة. عرفته صديقا لوالدي، وعما لأندادي، وشيخا لرجال الأعمال، وجارا وفيا لجيرانه، عرفته وأنا في سن الطفولة ألعب كرة القدم مع أندادي في الشارع بعد صلاة العصر أمام منزلنا بجوار منزل الشيخ عبدالرحمن فقيه وكنا إذا قرب وقت صلاة المغرب وخرج الشيخ عبدالرحمن مشيا على الأقدام إلى المسجد قبل الأذان أوقفنا اللعب تحية احترام وتقدير لمقامه العالي حتى يعبر الطريق. كنا ولازلنا نعتبره رمزا لنا وقدوة نتمنى أن نسير على خطاه في سلسلة قصص نجاح لم تقتصر على مشاريعه في مكةالمكرمة بل في المملكة العربية السعودية بأكملها. وإن كنت قد كتبت عنه في أحد مقالاتي قبل أكثر من عشر سنوات مضت في جريدة البلاد التي تشرفت برئاسة مجلسها آنذاك. إلا أنني أتشرف وأن أكرر الكتابة عنه لأسباب عديدة أولا بصفتي أحد كتاب الجريدة العملاقة جريدة عكاظ، والثانية احتفالا ببلوغه سن التسعين. والثالثة بمناسبة صدور كتاب عن سيرة الشيخ عبدالرحمن فقيه رجل الأعمال العصامي رائد الأعمال في مجالات عديدة اقتصادية واجتماعية ولقد تشرفت بإهدائه الشخصي بنسخة من كتاب سيرته الشخصية ورغم أن قصة حياته وسيرته الذاتية ليست غريبة علي فكنت دائما باحثا معجبا بهذه الشخصية الفريدة في مجال الأعمال الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنني بعد قراءة كتاب سيرته الذاتية أضفت إلى معلوماتي العديد من الإنجازات التي غابت عن قراءتي فزاد إعجابي وفخري واعتزازي بشخصية الشيخ عبدالرحمن الذي وإن اختلفت معه بالرأي إلا أن ذلك الاختلاف زاد في محبتي له. فهو بحق شخصية إن تتفق معه أو تختلف معه يجبرك أن تحبها وتحترمها وتقدرها. والحقيقة لا أستطيع أن أكتفي بمقالة واحدة أتحدث فيها عن كتاب سيرة الشيخ عبدالرحمن فقيه الذي أتمنى أن يبحث عنه ويقرأه كل رجل أعمال من الجيل الجديد ليتعرف على قصة رواد الأعمال الأوائل. وأستميح القارئ عذرا لنقل بعض سطور من مقدمة الشيخ عبدالرحمن فقيه للكتاب وبعض سطور مقدم الكتاب أخي الكبير شيخ تجار جدة صاحب الخلق العظيم الشيخ صالح عبدالله كامل الذي يعلمنا أدب الكتابة عن الكبار حتى لو كانوا منافسين في الأعمال إذ يقول الشيخ صالح كامل في تقديمه: (إنها دعوة لكل قارئ جاد ولكل شاب طموح ولكل مراهق في السابعة عشرة من عمره لكي يقرأ هذا الكتاب عن الشيخ الوجيه عبدالرحمن فقيه الرجل الذي دفعته أحلامه وعزيمته إلى عدم القبول بالواقع والعمل على تطويره وتحسينه من أجل إسعاد الناس، الرجل الذي نشأ في جيل لم تفسد التجارة أخلاقه فتعلم من ناقش الأختام التركي في (باب الزيادة) بمكةالمكرمة احترام حقوق الملكية حتى في غياب أصحابها عن السوق وخسروا مشروعا كان من الممكن أن يدر عليه دخلا كبيرا. حولته الرغبة المخلصة لتأمين احتياجات البسطاء من ملبس وغذاء إلى باحث ومخترع يتاجر من أجلهم ولا يتاجر بهم، وتلك لعمري تجارة لن تبور ). وأجمل ما كتب في كتاب سيرة الشيخ عبدالرحن فقيه بعض الأسطر في مقدمة الشيخ إذ يقول (لا حاضر بدون ماضٍ، ولا مستقبل بدون حاضر، وبتوفيق الله وبالكد والمثابرة في البحث عما هو أفضل يفتح الله الأبواب والطرق التي توصل المرء إلى ما يتمناه لحياته، فالسكون والدعة والتسليم بالأمر الواقع في حياة الإنسان دون تطويرها لن تغير من حياة ذلك الإنسان شيئا). ويقول الشيخ عبدالرحن فقيه (إن الحياة لا تبتسم إلا لمن يجتهد ويتعب ويتوكل على الله في البحث عن الأفضل بكل الطرق الأخلاقية والشريفة المتاحة أمامه). وعن علاقته بالتعليم ودكاترة الجامعات يقول الشيخ عبدالرحمن (رغم أنني لا أحمل شهادة جامعية ولا دكتوراه ولكنني أستعين بحملة الشهادات العليا من البروفسورات والدكاترة كل في تخصصه وأحسن توجيههم كما يحسنون توجيهي ولهم الشكر لأنهم كانوا على قدر العزم). ويختتم مقدمته معترفا وفخورا (لقد خضت غمار الحياة حلوها ومرها وسهلها وصعبها حتى بنيت ما بنيت وكان ولله الحمد كل ما بنيته مفخرة لي ولأسرتي ولوطني) ويوجه رسالته لأبنائه من هذا الجيل قائلا (أردت لأبنائي من هذا الجيل الذي أنعم الله عليه بحياة الدعة والرفاهية وتيسير التعليم لهم أن يدركوا أن آباءهم قد ناضلوا من أجل كل كتاب ودرس، وكافحوا من أجل كل قطرة حبر حتى اختلط الحبر بالعرق). تحية إجلال وتقدير لصاحب التاريخ المجيد الوجيه الوالد العم الشيخ عبدالرحمن فقيه. متمنيا أن يقتدي به رجال الأعمال من الجيل الجديد.