ما يلفت الانتباه اكثر من غيره فيما يتعلق بعاصفة الحزم، ليس فقط انتقال الموقف العربي من مربع الشجب والمناشدة الى مربع الفعل، بل الفعل ذاته الذي لم ينتظر قرارا من الخارج والذي جاء بمشاركة مجموعة من الدول العربية والاسلامية سارعت البقية الى دعمه وتأييده. وبقدر ما كان الموقف الايراني الرافض والمندد بالعملية غير مفاجئ لأحد، كان الدعم العربي والدولي لعاصفة الحزم مفاجئا لها، وان كان موقف الدول الغربية متوقعا بما في ذلك الموقف التركي، الا ان موقف باكستان المتقدم في دعم العملية جاء داعما وقويا لعاصفة الحزم. المشهد العام يتجه نحو تحالف داعم لشرعية هادي في مواجهة حركة الحوثي المدعومة من ايران، ولعل نظرة تفحصية لطبيعة التحالف تكشف بشكل لا لبس فيه ان التحالف بني على قاعدة دعم الشرعية وارساء الامن استجابة لطلب هادي والمصالح المتقاربة للدول العربية المشاركة في عاصفة الحزم التي دفعتها لعدم الانتظار، وهي ذاتها التي دفعت باكستان الى الذهاب خطوة متقدمة في دعم عاصفة الحزم حين اكدت انها لن تقف مكتوفة الايدي في حال كان هنالك تهديد لأمن المملكة. ايران اكثر من غيرها باستطاعتها ان تبقي الامور في مسارها او ان تحرفها باتجاه صراع طائفي، ومنذ الثورة الايرانية التي اطاحت بنظام الشاه، عملت ايران على التدخل في الشأن العربي، والبداية كانت من خلال حزب الله في لبنان، لم يلبث ان انتقل الى العديد من الدول العربية، حيث اعلنت ضمها لجزر الامارات الثلاث، وتحريض الشيعة في مملكة البحرين، ثم جاء التدخل الواسع لها في سوريا ومن بعدها العراق، وهي لم تخف يوما ما دعمها للحوثيين في اليمن، ناهيك عن التدخلات المستترة التي تقوم بها في دول عربية اخرى. لا شك ان الصمت العربي في الفترة الماضية حيال التدخل الايراني في شؤونه الداخلية هو الذي فتح الابواب على مصاريعها لإيران، وحالة الاقتتال الداخلي في العديد من الدول العربية بجانب خلافاتها الكبيرة التي وفرت البيئة الخصبة لإيران كي تنفذ من حديقة البيت العربي الى داخل ردهاته، وان مثل التدخل الايراني على مدار السنوات السابقة معضلة للدول العربية ذات العلاقة، الا ان الدعم الايراني لانقلاب الحوثيين في اليمن شكل تهديدا لدول الخليج العربي ولامن اليمن من الصعب الصمت عنه، وان كان من المستبعد ان تتدخل ايران بشكل مباشر في اليمن، خاصة في ظل التحالف العربي والقوة العربية المشتركة الوليدة، الا انها ستواصل دعمها للحوثيين وحلفائها في المنطقة. لقد بات على ايران ان تعيد قراءة مشهد المنطقة من جديد، فلم يعد تدخلها في الشأن العربي يواجه بالصمت تارة وبالشجب والتنديد تارة اخرى، وان عليها ان تختار بين علاقات قوية مع المحيط العربي تعود بالنفع على الجميع، او ان تواصل سياستها في التدخل الفج في الشأن العربي والذي يمكن ان يذكي الصراع الطائفي ويلحق الضرر بالجميع. * سياسي وكاتب فلسطيني