تناقل المسرحيون السعوديون البارحة نبأ فوز الكاتب المسرحي الكبير الملقب بعراب المسرح السعودي « فهد بن ردة الحارثي» بجائزة نادي مكة الثقافي للابداع عن نصوصه ومطبوعاته المسرحية التي أثرى بها ميدان المسرح السعودي وحقق بها ريادة للمسرح كفن ولورشة الطائف المسرحية كراعية للمسرح. ورغم الاجماع المنقطع النظير على استحقاق الحارثي للجائزة إلا أن الوسط الثقافي بعمومه لم يكن يتوقع -على الارجح- أن تذهب هذه الجائزة باتجاه المسرح ولو استطلعنا الاراء قبل الاعلان عن اسم الفائز فإن الشك سيكون حاضرا في أن يكون الفائز احد ابناء المسرح لأن المسرح لا يزال لا يحظى لدينا بما يستحقه من اهتمام. وأوضح القاص والناقد المسرحي ناصر العمري عن فوز الحارثي بجائزة أدبي مكة للإبداع: الفوز المستحق جاء ليضع المسرح السعودي ممثلا في نتاج فهد الحارثي في موقع يستحقه وليدشن حقبة جديدة ويعلن عن مزاحمة المسرح بقية الحقول الابداعية التي تشكل في مجموعها وجه الثقافة المحلية خصوصا متى كانت التجربة متفردة بحجم تجربة الحارثي الثرية، وبالعودة إلى هذا المنجز الكبير الذي حصده الحارثي سنجد أنه انتصار لرحلة قلم مسرحي قدم نفسه بشكل مختلف ومكثف واقتحم خشبة المسرح بعطاء مسرحي ملهم أهلته أعماله التي تنوعت بين النصوص المسرحية والكتابة التنظيرية التي رصدت تجربة مختلفة بطريقة مختلفة ايضا ومدهشة للفوز بجوائز محلية وعربية وشاركت اعماله التي تجاوزت 41 عملا في العديد من المهرجانات ولفتت أنظار العالم العربي بأسرة وقدمتها فرق خارج المملكة في تونس والاردن والعراق وغيرها وبها تحول أحد أعمدة المسرح المحلي والخليجي والعربي حيث يندر أن تقام فعالية مسرحية لا يتواجد بها فهد الحارثي محكما ومحاضرا وناقدا ومديرا لورش كتابية. وأضاف: تجربة فهد الثرية والممتدة انطلقت من كونها تتجاوز الكتابة المسرحية لتذهب نحو عوالم منوعة فهي اشبه برحلة جدلية بين الفكر والفلسفة والتأمل والبحث بين المتن والهامش بين الوعي والمعرفة بين الانا والاخر بين الواقع والمتخيل متوجة بحرفنة الالتقاط وجمال المعالجة والقدرة على المشاغبة الواعية للفكرة بلغة رشيقة وطرح مستنير.. نحتت تجربة فهد الحارثي شكلها عبر عطاء ابداعي مختلف فهي تجربة خلقت انساقا معرفية شتى أبهرت الناقد والمؤدي والمتلقي العادي على حد سواء وانتزعت الاعجاب والتصفيق من الجميع دون استثناء واكتست حلة الجمال بتمكن لافت وخلقت حالات شتى من التمسرح الواعي. واستطرد: في كتابه (قصاصات مسرحية) تلمس حجم الوعي الحقيقي للحارثي ككاتب واع يدرك الكيفية المثلى لملء الصفحات بحرف ذي معنى حيث ينقلنا إلى عوالم من النادر أن يلتفت لها أحد مرتكبا لغة بسيطة وفارهة وشاعرية ومنتقاة تحيلنا الى حالات مسرحية شتى تبدأ من اللحظة الاولى لتخلق العرض المسرحي كفكرة ثم يغوص بنا في رحلة ممتعة اشبه بفيلم سينمائي يجسد تلك الاشتغالات والمغامرات التي تصاحب تلك الافكار التي تشاغبه وتحط فوق رأسه وكيف يعرضها على فريق العمل ويصف لنا بحرف لذيذ منعرجات التكوين واللحظات المختلفة للعروض بما يصاحبها من حالات (ألم، رفض، تفكير متعمق، احباط، جذوة امل، بارقة، إعياء) كل هذا معجون بالتعب والصبر من أجل عرض مسرحي واحد وهذا ما خلق لنتاجه لذة كونه يتحدث عن تجربة واعية. وتابع: ما يفعله الحارثي كنتاج فهد ومجموع نصوصه التي تذهب بنا نحو غابة من الاسئلة تخلقها تلك النصوص ليست على مستوى الفكر والعذابات الانسانية والحالات الشاعرية والعلائق التي تربطنا بعرض مسرحي فهذا شأن كل العروض المسرحية وغايتها اما نتاج الحارثي فهو ورشة تدريب وروشتة تعرفنا على كل تفاصيل العمل من تخلقه كفكره مرورا بالصراعات لأجله والمعوقات التي تعترضه ثم لحظات عرضه حتى نهاية العرض وتبادل التهاني بنجاحه ثم ما يعقبه من اشتغالات وتعديلات تجعل من المسرح أسلوب حياة وتطلعنا على تشكل ما يعرف ب(الجماعة المسرحية) لدى باربا ومنظري انثروبولوجيا المسرح حين يتحول المسرح هاجسا لمجموعة من الناس وهذا ما تجسده أعمال فهد وما نقلته إلينا نتاجاته المسرحية.