درج رجال الحسبة على لباس (الغترات والأشمغة) بدون (عقل) أي جمع عقال التي هي عبارة عن قطعة قماش مثلثة توضع على الرأس دون (عقال)، درجوا على ذلك لكي يكونوا مميزين (شكلا وموضوعا) على من سواهم من عامة الناس الذين هم على شاكلتي من (الهابقين) أحيانا. والغترة لمن لا يعرف هي كلمة محرفة من كلمة (الجتر) الفارسية، كما أن كلمة (الشماغ) أيضا محرفة من الكلمة التركية (البشمك)، وهو غطاء رأس للمرأة التركية (الأرستقراطية)، عموما فالشماغ هو حديث عهد في جزيرة العرب، فهو أتى أول ما أتى من تاجر بريطاني وصل إلى البحرين في القرن 19 قادما من الهند ومعه أقمشة (منقطة بالأحمر والأبيض) لكي يبيعها كأغطية لموائد الأكل في المطاعم الشعبية في لندن، وأبحرت الباخرة دون أن يلحق بها، فباعها كجملة في البحرين، فتقاطعها الناس هناك واعتمروها على رؤوسهم، وبعدها (كرت السبحة)، أما العقال فهو قديم منذ عهد الجاهلية وإن تعددت ألوانه وطرقه. وكان رجال الدين قبل ذلك يحفظون أبناءهم في (الكتاتيب) وفي المساجد هذه الأبيات من الشعر: يا منكرا فضل (العمامة) إنها من هدي من قد خصّ بالقرآن رغم أن القرآن الكريم لم يأت بذكر العمامة إطلاقا لا من قريب أو بعيد. ثم يستطرد الشاعر قائلا: وكذاك كانت للصحابة بعده والتابعين لهم على الإحسان ليس كلبس الجند في أزماننا حاشا وربي كيف يستويان هذي شعار ذوي التقي وذا (للزّكرت) وكل ذي هيمان واعترف أنني منذ مراهقتي الأولى كنت وما زلت (زكرتى) وهي تعني (العايق والنصاب والمتباهي)، ويا ما نكست عقالي حتى يصل إلى أرنبة أنفي، ويا ما أملته على جنب إلى أن يصل إلى طرف أذني، مثلما يقولون: من زود (الموقه). والذي دعاني إلى التطرق لهذا الموضوع هو ما قرأته في مقابلة للدكتور (زيد الزيد) عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود عن مشروعية لباس (العقال) لأعضاء هيئة الأمر بالمعروف، فقال: لا يوجد حرج في ذلك، إلا أن هذا الأمر لم يعهد لدينا عند رجال الحسبة (!!) انتهى. وكأني بهم أرادوا أن يكونوا مميزين، وحاشاهم أن يكونوا مثل القساوسة أو الحاخامات أو البوذيين، فكل هؤلاء يلبسون لباسا معروفا يميزهم عن من سواهم، وإنني أربا برجال الحسبة حرسهم الله من كل مكروه أن يكونوا كذلك، ويا ليت الصديق الشيخ (سليمان بن علو) رئيس الهيئة في جدة أن (يبق البعصه)، وتكون سابقة له ويضع العقال على رأسه الكريم لكي التقط له صورة، وأنا متبرع له بالعقال من عندي كمان. عموما، لم تذكر لنا كتب التاريخ على كثرتها أن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام أو صحابته المبجلين أخذوا لهم زيا مختلفا عن سائر الناس، وبالمناسبة، فقد صليت الجمعة قبل شهر تقريبا وراء الشيخ الشاب (محمد الحارثي)، وكان يضع على رأسه عقالا أنيقا، وزاده ذلك بهاء فوق علمه الغزير، وترتيله الذي يأسر القلوب. [email protected]