- هل نمت البارحة؟ - استيقظت صباحا. كان الطقس جميلا دون سماء. لم أرها... نابل فجرا لم أرها. هل مرت الدوريات قرب البحر لتشطب أخطاء الفقراء؟ الطقس جميل دون سماء، دون تحية جار تسند ظهرك إذ يتقوس صوت في الحلق. زغاريد الجارات تهرول نحوك حافية.. أطفال وكلاب، أسوار حقول وحقول تسبقها الآبار بما فيها: ماء، أصوات وصداها ماء، أعشاش حمام، في الأعشاش فراخ صار لها ريش... مثل الفرحة طارت... حتى الأشجار هناك بساق واحدة ترقص من أجلك... كنت تقول: «صياح الديك يعيد الخلق إلى الخلق». ... ونمت طويلا في نابل، الدوريات داست صوت الديك لئلا ينزعج السياح بسرب الفلاحين نساء الفلاحين وأبناء الفلاحين البسطاء. أفقت على الدراجات النارية تنهق، لا تطرد رجسا، تبتلع الأصوات عسى لا يسمع للمقهورين دعاء؟ تركت القرية مثل فؤاد خاو. خاو حجر الجدة من رأسك، أبكم دون خرافات وحكايا. الجد يسير إلى الدكان - بعكاز أمسى من بعدك أعمى - يبتاع الشاي وقطعة حلوى كل مساء. أغلق دكان القرية... ظل العكاز وحيدا، للجدة شاهدة مكتوب فيها: «حفروا وحفرت غيابا في حجري فكأني دونك قبر في قبر». ثمة شمس. فعلا ثمة شمس تخرج من نابل. مالي لا أبصر غير الظلمة؟ أين الضوء وعيناي وأين يدي؟ أين نداء الطفل لكل غريب «عمي الراجل» ؟ أين «المنداف» المنصوب نقيس به الحظ؟ وأين شرود شجيرة توت في الصيف؟ الدهشة، أين الدهشة، تكبر، تكبر... حتى تصبح طفلا؟ أين دلاء الماء المملوء دعاء يدلق خلف الراحل؟ أين عراك الجارات بلا سبب؟ أين عصى «سيدي» تمتص من الكف البرد؟ وأين الشمس تعيد قطيع الخرفان مساء؟ أين الأرض وقرن الثور وبرج الجدي وأين سماء القرية؟ إلهي، نابل بحر في علبة سردين وأنا الريفي النازح من كف أبي، لا أفهم ثرثرة الدينار على الدينار. إلهي، سألوني منذ قرون: «أتحب الراء أم الشين؟». عشقت الراء فجئت أفتش عنك، وجدت الشين لسان السكان الأصليين، فكيف إلهي أفهمهم؟ أين «صباح الخير» لأعرفهم؟ من هم لأقول لهم: «من أنتم لأكون الشاعر؟ من أنتم لأكون غريبا مثل كمان في ورشة حداد». (أصرخ... أصرخ... حتى أفرغ صوتي منكم، علي لا أستيقظ، عل الأسماء هنالك رجع الأشياء هنا). ... نمت طويلا بعد القرية، نمت بلا أم تحرس قلبك. هل كانت تعلم أن الغول طريق تحمل أطفال القرية نحو البحر وأن لا بحر بلا غرقى؟ - هل كنت تحب البحر؟ - أتيت لأبني قصرا من رمل وأعود. استيقظت صباحا. كان الطقس جميلا دون هواء. أتذكر... إني أتذكر. لا شيء يسمى فأنا ميت يتذكر. منذ ولدت وأنت تذر دموعك قمحا لطريق العودة، لكن حين سمعت الطرق فتحت الباب، دخلت. وجدت الناس نياما فاستيقظت. استيقظت صباحا... كان الوقت عماء.