يقال انه كان هناك حافلة نقل جماعية، ممتلئة بالركاب في طريق وعر، ومن ضمن هؤلاء الركاب رجل عجوز حزين يحمل بين يديه باقة من الزهور، في الوقت الذي أخذت فيه فتاة صغيرة حسناء تنظر بين الحين والآخر لباقة الزهور بإعجاب، وعند الاقتراب من إحدى المحطات أشار العجوز للسائق أن يتوقف، وقبل أن ينزل توجه للفتاة ومد لها الباقة قائلا: إنك زهرة جميلة وتحبين الزهور التي مثلك، فأرجو أن تتقبليها هدية مني، ولو أن زوجتي معي الآن لما كان لديها أي مانع، وقبلت الفتاة الهدية وأخذت منه الباقة شاكرة. وفيما كان الأتوبيس على وشك أن يتحرك من جديد، حانت من الفتاة التفاتة نحو العجوز وشاهدته وهو يتجه نحو باب مقبرة صغيرة انتهت تلك الحادثة. وفي ظني أن هناك تفسيرين لا ثالث لهما لتصرف الرجل العجوز، الأول: إما أن قلبه كان لازال أخضر وهام إعجابا بتلك الفتاة الحسناء فأقدم على ما فعل، أو أن قلبه ازداد اخضرارا عندما تذكر وتأكد أن زوجته لازالت تقبع بأمان في داخل القبر، فانفرجت أساريره بإحساسه المتزايد بالحرية فأعطى الباقة لمن تستحقها، ولسان حاله يقول: الحي أبقى من الميت. وخذوها مني: ليس هناك في الدنيا كلها أجمل من منظر الزهور الصفراء بيد حسناء خصوصا إذا كان معها (أنيميا) حادة . *** سألت الملكة (فيكتوريا) رئيس وزرائها (ديزرائيلي): ما هو الفرق في نظرك بين الحب والصداقة ؟ أجاب: الصداقة هي أن تمتلئ معدتك من لحم البقر المشوي، أما الحب فهو أن تمتلئ معدتك وتتفجر في شرايينك زجاجة كبيرة كاملة من (الشمبانيا)، كذب وخسئ (ديزرائلي) وخاب ظنه. فالحب الحقيقي هو أن تمتلئ معدتك وتتفجر شرايينك بماء (زمزم) الطاهر الطهور، والحمد لله على ذلك. *** في بيروت دخلت إلى (سوبر ماركت) كبير، ولفت نظري عند مدخل الباب لوحة كبيرة علقت بها الكثير من الإعلانات، وأخذت أستعرضها وأقرؤوها، وتوقفت عند إعلان جاء فيه: إنني خادمة ذكية وجميلة، أريد العمل في منزل يتكون من أسرة صغيرة ليس لديها أطفال، ويكونون أهل ثقة وكرم، وفي صحة جيدة، والأفضل أن يكون المنزل خارج بيروت، وفي منطقة جبلية تعلوها أشجار الصنوبر على ارتفاع يتراوح من 600 إلى 800 متر، علما بأنني لا أجيد الطبخ، والأفضل أن تكون الزوجة على دراية تامة بالطبخ. عندها لم أستطع أن أكبح جماح حب الاستطلاع عندي، فما كان مني إلا أن أتصل برقم تلفون الخادمة، وأول سؤال سألتها عن عمرها، فقالت لي وهي تلثغ بحرف الراء: إنني في السابعة عشرة وداخلة على الثامنة عشرة. وسألتها ناصحا: ليه ما تكملي تعليمك أحسن لك يا شاطرة ؟! فعاجلتني وهي تضحك قائلة لي بدلع و(قواية عين): ممكن تجي تعلمني؟!. ولم أحر جوابا، وبلعت ريقي قبل أن أغلق الخط في وجهها. وصدق المثل الذي جاء فيه: (قالت الملاية للعباية، الرجال صارت ولايا). وهذا هو ما انطبق علي (بالزبط).