أجمع عدد من الاقتصاديين على تردي الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها اليمن والتي فاقمتها التداعيات السياسية والأمنية التي شهدتها الساحة اليمنية منذ العام 2011م، معربين عن تفاؤلهم أن تتغير الأوضاع التي شهدها الاقتصاد اليمني، لاسيما بعد القضاء على الميليشيات الحوثية الخارجة على السلطة الشرعية، بموجب عملية عاصفة الحزم. وفي البدء أكد رجل الأعمال اليمني مهدي النهاري أن فرص الاستثمار في اليمن انهارت تماما منذ استيلاء الحوثيين على السلطة. وقال إن الاقتصاد اليمني يعاني منذ عقود طويلة، وتحديدا منذ حرب الخليج الثانية، لكنه كان يتلقى الكثير من الإعانات المقدمة من المملكة، وبعض الدول المانحة، إلى جانب بعض الاستثمارات، لاسيما في مجال الاستكشافات النفطية. وأضاف: أما الآن فقد هجرت رؤوس الأموال الأجنبية فرص الاستثمار في اليمن، الذي تداعى الأمن والاستقرار فيه، منذ 2011، وحتى الآن، حيث انقلب الحوثيون على الشرعية هناك، لكنني أتوقع وبمجرد انتهاء الحملة العسكرية ضد الحوثيين أن يسهم العرب وفي مقدمتهم المملكة في تقديم العون لليمن ولليمنيين، بما يمكنهم من العودة إلى طريق التنمية. من جهته نوه استاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور أسامة فلالي، إلى حاجة اليمن إلى مشروع إغاثي يمكن أن يطلق عليه (مارشال يمني) على غرار المشروع الذي قامت به أمريكا لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، يعيد تعمير ما تدمر في مختلف المدن اليمنية قبل وبعد عاصفة الحزم، إلى جانب إقامة مشاريع تنموية أخرى في مختلف المدن اليمنية. وقال: اليمن دولة ذات موارد اقتصادية كبيرة جدا، ولديها قوة عاملة تعد الأفضل على مستوى الوطن العربي، وبإمكانها أن تعيد بناء ما تهدم في المرحلة الماضية. واستطرد فلالي: اليمن تملك البترول والغاز ومختلف المعادن، ولديها شواطئ عدة تختزن ثروة سمكية كبيرة، ومناطق زراعية شاسعة وما عليها من ثروة حيوانية، بالإضافة للقوى العاملة التي يمكنها أن تحقق مشاريع تنموية جبارة وفي وقت قصير شريطة أن توجه وتدار من قبل إدارة واعية. ويضيف أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف سالم باعجاجة، أن النظرة السياسية والاقتصادية تغيرت نحو اليمن، وسوف تتغير بشكل أكبر، بمجرد الانتهاء من الحملة الجوية على معاقل الحوثيين المنقلبين على الشرعية في اليمن وتحقيق أهدافها. وقال إن اليمن بالنسبة للمملكة عمق اقتصادي واستراتيجي، ومن هنا تقاس العلاقة بين البلدين الشقيقين، ولذا فإنني أتوقع وأتفاءل بعودة الأمن والاستقرار، وبتعافي الاقتصاد اليمني، بمجرد انحسار الحوثيين، وعودة العمل بمؤسسات الدولة. وأشار إلى أن كل ذلك سيكون بدعم من دول العالم وفي مقدمتهم المملكة، لإعادة الأمن والاستقرار لليمن، فاليمن بحاجة الآن إلى رؤوس الأموال الأجنبية لإيجاد فرص عمل لليمنيين، وذلك لن يتم إلا بتضافر الجهود اليمنية والدولية لانتشال اليمن من حالة التردي الاقتصادي والأمني. ويرى المحلل الاقتصادي حسين الرقيب أن الاقتصاد اليمني عانى في عهد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من أزمات اقتصادية حادة جعلت اليمن ضمن أفقر الدول العربية، حيث تفشى الفساد الإداري والمالي وذهبت ثرواته والمساعدات الخارجية المقدمة إليه إلى السلطة وأعوانها، الذين تضخمت ثرواتهم وأرصدتهم. وقد ذكر تقرير للمعهد الملكي البريطاني للسياسات الدولية أن اليمن يستولي عليه عباقرة الفساد بشهادات دولية، وأكدت أن الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح يتصدر أولئك الفاسدين، حيث قدرت ثروته بنحو 50 مليار دولار، مشيرة الى أن صالح كان يحصل على 25% من الدخل غير المشروع لكل شخص يسهل له عمليات الفساد، كما أن اليمن تحولت في عهد الرئيس المخلوع إلى محطة ترانزيت لتجارة المخدرات والتهريب والرشاوى وبيع الأراضي والغاز بأسعار بخسة في صفقات مشبوهة، وبدلا من بناء المؤسسات الرسمية للدولة، حيد صالح المنافسين والأقوياء، واستولى على تجارة النفط . وتم تهميش الدوائر المحلية وارتكزت هياكل السلطة على علاقات الدم والقرابة، وبعد أن فقد السلطة أدخل اليمن في صراعات قبلية وطائفية مقيتة، فدعم الحوثيين من أجل الإطاحة بالسلطة الشرعية، وانتشرت بسببها الفوضى وهوجمت أنابيب النفط وتعطل الاقتصاد المحلي، وهربت الاستثمارات الخارجية وتوقفت المساعدات الدولية، وتدهور مستوى المعيشة إلى أدنى مستوى، وزادت نسبة البطالة بين المواطنين اليمنيين إلى أرقام مرتفعة جدا، وما أن بدأت عاصفة الحزم استبشر اليمنيون بها خيرا، حيث إنها سوف تحقق لليمن أمرين أولهما اقتلاع بؤرة الفساد التي أنهكت اليمن طوال أكثر من 3 عقود من الزمن، وتحقيق الاستقرار السياسي في البلد، وبالتالي جلب مزيد من الاستثمارات، وثانيهما أن دول الخليج هي من تقود التحالف في عاصفة الحزم، وبالتالي فإن نجاح عمليات استئصال المنقلبين على السلطة الشرعية، وإعادة الاستقرار سوف يتبعها دعم مادي واستثماري كبير، لكي تقوم الحكومة الشرعية بتحسين المستوى الاقتصادي للدولة، ورفع معدل الدخل للمواطن اليمني.