طريق مستورة - رابغ أو كما اصطلح الناس على تسميته ب«طريق الموت» بات يشكل قلقا كبيرا لأهالي القرية أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي دعاهم إلى إطلاق صيحات استغاثة الى وزارة النقل والجهات المسؤولة بضرورة التحرك العاجل والفوري لمعالجة مخاطر الطريق وقد تسبب في عدد كبير من المآسي والحوداث المرورية وحصدت أرواح كثير من الضحايا حسب تعبيرهم. وبرغم المآسي والفواجع فالطريق لا يزال على ما هو عليه مسرحا للمآسي. «عكاظ» نقلت نبض المواطنين في مستورة، كما التقت بعض المصابين وذوي ضحايا الطريق وسردوا معاناتهم وهم يتساءلون بإلحاح: متى تتحرك وزارة النقل والجهات المسؤولة لتضع حدا لتلك الحوادث الأليمة؟ إبراهيم الولدي يستهل الحديث ويقول: طريق مستورة -رابغ تزداد فيه الحوادث يوما بعد يوم وكل من يعبر الطريق يكون على أشد الحذر لضيق مساره وظلام ليله. كان الطريق في وقت مضى شريان العرب من الشام إلى اليمن في العصر القديم قبل وصول الطائرات وكان يعبره الحجاج مرورا بالجحفة (ميقات أهل الشام في رابغ). هذا الطريق مرعب لما يشهده من حوادث مستمرة وسبق للمواطنين أن تقدموا بعدة شكاوى إلى وزارة النقل والمواصلات طوال السنوات الماضية وحتى اليوم وللآسف لم يصل رد حتى الآن. وهناك من تواصل مع الوزارة عبر البرقيات ولا جديد في الأمر. إبراهيم الولدي يضيف بحسرة: ابن أخي توفي في حادث ومعه والدته على ذات الطريق قبل نحو عامين وظللنا نطالب الوزارة بإنشاء ازدواجية وجزيرة وسطى معززة بأعمدة إنارة ولوحات إرشاد توضح معالم الطريق. وهناك إشكالية خطيرة تتمثل في الجمال السائبة التي لم يصدر لها نظام معاقبة أو مراقبة يحد من تركها. والعتب موصول أيضا إلى دوريات المرور الغائبة عن هذا الطريق. وزارة النقل قدمت عملا كبيرا في مجال الطرق - يقول الولدي - فلو نظرنا من الشمال إلى الجنوب على امتداد ساحل البحر الأحمر لا يوجد طريق بلا ازدواجية إلا هذا الطريق الذي حصد عشرات الضحايا، وهناك طريقان يربطان الخط السريع بمداخل مستورة لايتجاوز طولهما 10كم من جهة الجنوب وجهة الشرق وحصدت كثيرا من الأرواح أيضا. على ذات الرأي يمضي عبدالله حامد الذي يعتبر الطريق شريان حياة لمستورة ورابغ وبات من الضروري العناية به وتحقيق مطالبهم، خاصة بعد توسع محافظة رابغ للشمال فقد أصبحت العلاقة بين رابغ ومستورة علاقة حيين متجاورين فربما يتردد الواحد منا بينهما أكثر من مرة في اليوم. ومع كل هذه الأهمية فقد أصبح هاجسا خطرا ومصدر هلع لمرتاديه، فانعدام الإنارة والإشارات الضوئية والمطبات الصناعية عند التقاطعات زاد من خطورة الطريق. ناهيك عن عبارات السيول التي تمثل مصائد للغافلين وتتسبب في هلاكهم فهي غير مكتملة الإنشاء وبدون سياج حديدي يقي الناس شر السقوط على أطرافها. من جانبه يقول بخيت مطلق: نعاني يوميا، على مدار سنوات من الطريق القديم الرابط بين مستوره ورابغ بسبب ضيقه وكثرة الحوادث المؤلمة التي راح فيها أرواح من البشر، فإلى متى الصمت يا وزارة النقل. متى تتحركين؟ ويلتق طرف الحديث عبدالحميد الغانمي ويضيف، أن طريق رابغ مستورة القديم مازال حيويا يسلكه الكثير من الموظفين والموظفات والطلاب والطالبات والأهالي والمقيمين نظرا لوجود الجامعة في رابغ والدوائر الحكومية والشركات والمستشفيات ويسلك الطريق الكثير من السيارات بمختلف أحجامها الصغيرة والكبيرة كالشاحنات وغيرها ما يسبب الزحام في أغلب الأوقات، لكن الإشكالية الكبيرة التي تؤرق الأهالي تتمثل في كثرة حوادثه وما أكثر ضحاياها من مصابين ومتوفين، فلابد من تطويره وتحويله إلى طريق سريع حفاظا على الأنفس والأرواح وليواكب تطويره ما يحصل في المحافظة من تطور عمراني وزيادة في السكان. حميد العصلاني يستعرض إشكالية الطريق ويضيف، أن الأهالي ظلوا يعانون أشد المعاناة من الخط الرابط بين مستورة ومحافظة رابغ لسوئه وضيقه وظلامه وافتقاره لسياج يحمي من الدواب والماشية الأمر الذي خلف عددا من الحوادث والضحايا في مستورة ولا يكاد يمر يوم أو أسبوع إلا وتجد سرادق عزاء في القرية حيث تسبب الطريق في تيتم الأبناء وترمل النساء، والأمل في الوزارة أن تلقي على الناس طوق النجاة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإصلاح الطريق وإنارته وتسييجه للمصلحة العامة وحقنا للدماء. من جانبه يضيف إبراهيم المزمومي: تمر السنون وتتبدل الأيام ويتغير كل شيء إلا المآسي على طريق مستورة رابغ، لقد أصبحت الحاجة ملحه لازدواج هذا العصب والشريان المهم وتوسعته ليناسب حجم سالكيه من معلمين ومعلمات وطلاب وطالبات وموظفين. كلهم يسلكون هذا الطريق ولسان حالهم يقول: شر لا بد منه ولا نجد أي مبرر لوزارة النقل في عدم ازدواجية الطريق التي لا تزيد مسافته على 40 كيلو متر فضلا عن أن طبيعة الأرض سهلة ولا معوقات طبيعية. «حلمنا وأملنا أن نرى معدات الطرق تعمل على توسعة الطريق ولا نريد أن نكون مثل من سبقونا.. عاشوا يطلبون توسعة الطريق وماتوا ولم تتحقق أحلامهم). أيمن المزمومي يعبر عن أسفه وحزنه على ضحايا الطريق ويقول: كم فقدنا خلال هذا العام من أحبة لتبقى الوفيات مجرد أرقام في سجلات الهلال الأحمر ووزارة الصحة، ونتمنى توسعة الطريق الذي لا تتجاوز مسافته 40 كم وليس هناك عواقب للتوسعة مثل نزع ملكيات أو جبال أو مرتفات أو منخفضات تعيق المشروع بل العكس الأرض منبسطة والفضاء يحوم حوله. وعلى ذات النسق يقول معيض عايض إن طريق رابغ ومستورة معبر مؤلم يحمل الكثير من المآسي التي ذاق مرارتها سكان القرية التي اشتهرت بتاريخها العريق في خدمة الحجاج. ومع تطور النهضة العمرانية وازدياد نسبة السكان فيها إلى أكثر من 15000 نسمة المطلوب من وزارة النقل إعادة النظر في أمر الطريق الحيوي الهام ونتمنى من المسؤولين أن يأخذوه بعين الاعتبار في التطوير والتحسين. على جوانب المرارة والذكرى الأليمة تحدث أهالي ضحايا الطريق، ويقول جهاد النافعي لا زلت أذكر الحادث الأليم الذي تعرض له جدي وأحد أبناء عمومتي حيث قضيا إثر حادث على الطريق. لقد خرجا ولم يدر بخلدهما أن يكون طريق سفرهما هو طريق مغادرتهما للحياة. لا شك أن الأمر قضاء وقدر، وفي الوقت نفسه ما كان ينبغي لطريق كهذا يشكل هكذا خطورة أن يبقى على هذه الحال، دون أن تكلف الجهات المسؤولة نفسها عناء تطويره، وإزالة المخاطر التي تهدد سالكيه. الناجي من الموت على الطريق الخطير أحمد الولدي خرج مصابا يقول: إن المعاناة تنبع من صعوبة ومشاكل الطريق الذي أصبح غير آمن بسبب كثرة الحوادث. وقد تعرضت إلى حادث في العام 1418 حين كنت أزاول عملي بسيارة الإسعاف وكان برفقتي زميلي الراحل سالم حمود. كنا ننقل سيدة مريضة برفقة ولدها. ونتج عن ذلك وفاة السائق وإصابتي بكسور وحدث لدي قصور في القلب ما اضطرني لتركيب جهاز منظم لضربات القلب ومازلت أتعايش معه حتى اليوم. وبصفتي رجل أسعاف فقد باشرت حوادث كثيرة وبعضها يدمي القلب فالكثير من الأسر فقدت عائلها سواء آباء أو أمهات أو إخوان أو أطفالا فقدوا أمهاتهم وآباءهم. كل هذا، كما يقول الولدي، بسبب سوء الطريق الذي يفتقد كثيرا من آليات السلامة خاصة في الليل حيث إنه غير مخطط بالألوان العاكسة والتي بموجبها تعرف المسار خاصة أن الطريق مسار واحد ويعتبر من أقدم الطرق حيث كان يربط المدينة وينبع بجدة ومكة المكرمه مرورا برابغ ومستورة وبدر، وتم إصلاحه وترقيعه عدة مرات ولم يتم تصحيحه وتوسعته إلى مسارين، فهو يحتاج توسعته إلى مزدوج بمسارين. إن غالبية سكان مستورة من رجال ونساء وشباب يعملون في القطاعات الخدمية برابغ من دوائر حكومية ومؤسسات وشركات وشهد الطريق سقوط ضحايا كثر، ففي خلال عامين راح مايقارب 30 شخصا بين رجال ونساء وأطفال وآخر الحوادث راح ضحيته شاب في مقتبل العمر، والأمر لا يستدعي التأخير. لذا نطالب الجهات المختصة بسرعة دراسة الموضوع ومعالجته حتى لا نفقد مزيدا من الضحايا. الطريف أن تتحول معاناة أهالي مستورة من طريق رابغ – مستورة إلى إبداع شعري تترجمه أبيات لأحد شعراء المحاورة وهو الشاعر فيصل اليوبي، والذي صاغه على قالب مسرحي إذا جاز التعبير تم نشره وتداوله على مواقع التواصل الإجتماعي إذ يقول: يا خط يكفي آلم وآهات أفنيت ربعي وخلاني أرفق بعين الذي ما بات من جوركم صار وحداني الخط ... يا شيخ ما نقبل الزلات اسمع كلامي وبرهاني ترى التهور ورى النكبات وانتم تلومون ميداني الشاعر ... علمي موثق عليه إثبات مير انت حذرا تحداني وما دمت باقي بلا لمبات مليون بالمية الجاني الخط ... لومك على راعي الخلفات بالصبح والليل تاطاني أهمل نياقه وعنها بات وخلاك مهموم وتعاني الشاعر ... الكل مخطي وأنا بالذات أخطيت من حر ما جاني ليت الوزارة تجيب آلات وتحط من جنبك الثاني الخط ... معذور لو ترفع الأصوات وتطلب إنارة على شاني وختام يا محيي الأموات تنهي معاناة جيراني الرد بالهاشتاق يشار إلى أن وكيل الوزارة للطرق المهندس هذلول الهذلول تفاعل مع الهاشتاق الذي دشنه الأهالي عبر «توتير» لتوصيل مطالبهم، حيث أجاب عليهم في تغريدة بالنص الحرفي: «معظم الملاحظات التي ترد مهمة جدا قد لا أستطيع أن أرد، لكن كافة الملاحظات تؤخذ في الاعتبار، ونعمل على معالجتها؟. «عكاظ» من جانبها تواصلت مع مدير عام الطرق في وزارة النقل المهندس محمد مدني، وبعثت ملخصا بمعاناة المواطنين عبر الفاكس. ووعد بالإجابة ولم يفعل حتى اللحظة.