لم يلفت انتباهي ذلك الجمع الكبير الذي احتشد في مطار الملك عبدالعزيز بجدة لاستقبال سمو الأمير خالد الفيصل، عقب صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتعيينه مستشارا لخادم الحرمين وأميرا لمنطقة مكةالمكرمة. ولكن ما لفت انتباهي هو ذلك الحشد الكبير الذي جاء الى الصالة الملكية بمطار الملك عبدالعزيز بجدة لتوديع سمو الأمير خالد الفيصل عقب صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيينه وزيرا للتربية والتعليم. كان الجمع في مناسبة توديع سموه كبيرا ممثلا لكافة أطياف وفئات مجتمع منطقة مكةالمكرمة.. رأيت بينهم من جاء على كرسي متحرك.. ومن كان يسير على عكازه.. رأيت شبابا وشيوخا.. جاءوا لتوديع الأمير الجليل. كان موقفا يجسد عمق التلاحم بين القيادة والشعب في هذا البلد المعطاء.. والذي يتجاوز حدود الموقع الوظيفي.. ليعكس صورة فريدة من صور الترابط المتجذر.. الذي بات يشكل إرثا تاريخيا عتيدا في بلادنا العزيزة. فرغم ان السائد هو ان زخم الاستقبال لمن يتبوأ منصبا جديدا يكون في العادة أكبر.. إلا ان الحضور الكثيف لمناسبة توديع سمو الأمير خالد الفيصل لم يقل عن حجم حضور مناسبة استقبال سموه. ويعكس ذلك عمق الأثر الذي تركه الأمير خالد الفيصل في المنطقة وعند أهلها. وفي كل الأحوال فلقد استبشر أهالي منطقة مكةالمكرمة بعودة الأمير خالد الفيصل الى سدة إمارة المنطقة.. ليواصل مسيرة البناء والنماء.. استكمالا لتنفيذ مشروعه التنموي الحضاري الكبير الذي أحال المنطقة بمدنها ومحافظاتها وقراها الى ورشة عمل تنموية كبرى. فلقد اتسعت دوائر التفاؤل ومساحة الأمل بعودة الأمير الى المنطقة لتتسارع مراحل استكمال المشاريع الكبرى التي بدأها في المنطقة.. وفي مقدمتها مشاريع توسعة الحرمين الشريفين ومشروع الملك عبدالله لإعمار مكةالمكرمة ومشروع مطار جدة الجديد ومشاريع منطقة أبحر.. ومشروع النقل العام في مكةوجدة ومشروع مركز الأمير سلطان الحضاري ومشروع مستشفى الملك فيصل التخصصي الجديد ومشروع تطوير المناطق العشوائية في المنطقة ومشاريع تطوير محافظة الطائف.. هذا الى جانب المشاريع الثقافية المختلفة مثل سوق عكاظ وجائزة مكة.. وغيرها. الأمير خالد الفيصل الذي تصدى في أول يوم يباشر فيه العمل في إمارة منطقة مكةالمكرمة لأزمة الغاز التي عانى منها سكان مدينة جدة.. وتمكن من وضع حد للأزمة ومعالجتها بشكل سريع.. وقام بحنكة الكبار بتقديم الشكر والاعتذار لحارس الأمن في شركة الغاز الذي كان قد أوقف في وقت كان يقوم فيه بواجبه العملي.. حين منع لجنة مشكلة من عدة جهات من الدخول الى منطقة داخل الشركة يتوجب دخولها ارتداء زي خاص لدواعي السلامة.. حيث قال له سموه: «اعتذر لك باسمي واسم مسؤولي المنطقة وأشكرك على أداء عملك».. ليقدم الأمير بذلك نموذجا يقتدى به في تعامل المسؤول مع العاملين حافزا للمزيد من العطاء والتفاني في القيام بواجبات العمل. وتصدى الأمير الجليل في اليوم التالي لمباشرته العمل في المنطقة لأزمة طريق الحرمين الشريفين التي أدت الى عزل منطقة شرق الخط السريع في جدة.. واستطاع معالجتها في زمن قياسي. مواقف سموه هذه وغيرها تعكس معايشته لهموم المواطنين وتفاعله مع الأزمات والمشاكل التي يواجهونها.. وسعيه الدؤوب لمعالجتها.. وهو المسؤول الذي يرفض أن يطلق اسمه على أي منشأة أو إنجاز . وعادت مجالس الأمير التي افتقدناها.. لتشكل عنوانا رئيسا لتواصل القيادة مع مختلف أطياف المجتمع.. ومجلس الأمير ظل مدرسة يتبادل فيها مع المواطنين مختلف قضاياهم ويناقش معهم برامج ومشاريع التنمية في المنطقة ورؤيته الشمولية حولها. وقريبا تعود زياراته التفقدية لمحافظات المنطقة.. وهي الزيارات التي كان لها أثر تنموي كبير وفعال في تطوير المحافظات وتنميتها. ولا يسعني في الختام إلا أن أتوجه الى المولى عز وجل أن يوفق سموه في الاضطلاع بمهامه لما فيه صالح الوطن والمواطن بمشيئته تعالى.