المضامين العميقة التي أكد عليها خادم الحرمين الشريفين في خطابه الضافي، ورؤيته الشاملة للمرحلة الحالية والقادمة، ماذا تعني للوزارات والأجهزة التنفيذية بالنسبة للبناء والتنمية الشاملة والمتوازنة وتطوير الخدمات؟ وأيضا القطاع الخاص ووسائل الإعلام والتوعية؟ والأهم ماذا تعني للمواطن في هذه المرحلة الدقيقة من التحديات القائمة والأحداث المحيطة التي تصطلي بها المنطقة والعالم منذ سنوات، وما تلقيه من ظلال التأثير والتأثر باعتبار بلادنا جزءا فاعلا إقليميا ودوليا؟. كلمة الملك سلمان بن عبد العزيز لإخوانه وأبنائه المواطنين، تمثل رؤية شاملة وبرنامج عمل وطني داخليا وخارجيا ومعالم للطريق تؤكد الثوابت والأسس التي سارت عليها المملكة منذ الانطلاقة المباركة لتوحيدها وتأسيسها وبنائها الحديث، والحفاظ على وحدتها وترسيخ أمنها واستقرارها، ومواصلة التطوير للوطن والمواطن ونشر قيم العدالة ومحاربة الفساد ومحاسبة المقصرين. إن من أهم الركائز في رؤية الملك حفظه الله، بعد ثوابت الشريعة الإسلامية الغراء هي مكانة المواطن لدى ولي الأمر، حيث أكد على أن كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي فلا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى، وأتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن. ووحدة الوطن كيانا وإنسانا، هي الوحدة الأنصع في التاريخ منذ تأسيس المملكة وإلى اليوم، وتعد النموذج الأمثل لانصهار الهوية والانتماء على أسس راسخة، وهي دائما جوهر رؤية الملك سلمان، لذلك كان رعاه الله واضحا وحازما في تأكيده على التصدي لأسباب الاختلاف ودواعي الفرقة، والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية، فأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات. من هنا فإن وحدة أبناء هذا الوطن العزيز تقوم على التلاحم وتكريس نعمة أمنه الوارف واستقراره الراسخ، والحمد لله المواطن السعودي كما قال خادم الحرمين الشريفين باعتزاز وتقدير: (أظهر استشعارا كبيرا للمسؤولية، وشكل مع قيادته وحكومته سدا منيعا أمام الحاقدين والطامعين، وأفشل بعد توفيق الله الكثير من المخططات التي تستهدف الوطن في شبابه ومقدراته)، ومن هنا جاء حزم ولي الأمر لأبنائنا وبناتنا ولكل من يقيم على أرضنا، بأن (الأمن مسؤولية الجميع ولن نسمح لأحد أن يعبث بأمننا واستقرارنا). لاشك أن ترسيخ الوحدة في يقين وثقافة المواطن مسؤولية الجميع، وقاطرة ذلك تتمثل في دور مؤسسات التوعية والتربية والتعليم كالأسرة والمدرسة والإعلام والدعوة، وكل صوت وصاحب رأي لا يدخر كلمته في تعظيم هذه الوحدة، وأن نجعل من شبكات التواصل جسور ترابط بين أبناء الوطن الواحد وليست ساحة للخلاف وإشعال شرور الفتن التي تخدم أعداء الوطن، وليعلم الجميع أن من يغرد خارج السرب ويشق وحدة الصف من منطلقات غير وطنية ضيقة ومفاهيم الفرقة وتصنيف المجتمع وتقسيمه تحت أي مسمى وتحت أي شعار، إنما يجعل من نفسه، أداة في يد كل حاقد. فوحدة أبناء الوطن وإن تباينت الآراء والاجتهادات الوطنية الموضوعية المخلصة لإيصال الحقائق والمصلحة العامة، إنما هي السياج الحامي بعد الله للمسيرة وضد من يتربصون شرا ببلادنا. هذه الحقيقة لابد من أن تكون جلية أمام شبابنا بشكل خاص وليتدبروا الكلمات الأبوية المفعمة بالحب لهم من خادم الحرمين الشريفين وشواهدها المضيئة في الواقع، بأن الدولة سخرت لهم كل الإمكانات ويسرت كل السبل لينهلوا من العلم في أرقى الجامعات في الداخل والخارج، ومن ثم الوطن ينتظر منهم ومن كل مواطن الكثير لمواصلة تعزيز الوحدة والتنمية والأمن الوارف، ليكون الأنموذج المنشود في عالم سريع التطور، متشابك الإضرابات والصراعات والأطماع..