أخلت الأجهزة الأمنية سبيل قائد سيارة الأجرة بكفالة من المؤسسة التي يعمل فيها، وذلك وفق التحقيقات الأولية التي أشارت إلى عدم تورطه في حادثة اختفاء الطفلة (رزان)، التي عادت إلى أسرتها بعد أن أمضى فريق التحقيق من شرطة جدة عمليات مكثفة للتحقيق مع كافة الأطراف، لكشف غموض الحادثة التي شغلت الرأي العام خلال الأيام الماضية، وأسفرت عن عودة الطفلة إلى ذويها سالمة، غير أنها تعاني من اعتلالات نفسية وتمت الاستعانة على إثر ذلك بذوي الاختصاص لمساعدتها. وكانت عمليات التحقيق أظهرت أن قائد سيارة الأجرة قام بإيصالها لمسكن أسرتها ولا يعلم عن مكان وجودها، فيما أشار الناطق الإعلامي في شرطة منطقة مكةالمكرمة المقدم الدكتور عاطي القرشي، إلى أن إيقاف قائد سيارة الأجرة كان للتحقيق معه والتأكد من كافة مجريات الأمور، قبل إطلاق سراحه بكفالة من المؤسسة التي يعمل لديها وذلك لاستدعائه عند الحاجة لذلك. وأكد القرشي عدم صحة ما يتردد عن إيقاف رجل مسن وزوجته أو التحقيق معهما، كاشفا عن من تم إيقافه وهو قائد سيارة الأجرة وجرى إخلاء سبيله بكفالة، مشيرا إلى أن تقييد إفادة الطفلة (رزان) تم داخل منزل أسرتها وذلك مراعاة لحال الأسرة وما تعيشه من ضغوط، بالإضافة إلى التجمع الكبير بجوار منزل أسرتها وهو ما يصعب إخراجها للمركز للتحقيق معها، لذا تم الانتقال إلى الموقع من قبل ضباط التحقيق، الذين قيدوا إفادتها المبدئية لحين تحسن حالتها الصحية، مؤكدا عدم وجود أي اتهامات من أسرة (رزان) أو شبهات حتى الساعة. وبين القرشي أن البلاغ المقيد لدى الأجهزة الأمنية منذ الأحد الماضي سجل كحالة اختفاء ولا صحة لوجود بلاغ اختطاف لدى مركز شرطة السامر، مشددا أن الحادثة شهدت متابعة مكثفة من قبل مدير شرطة محافظة جدة اللواء مسعود العدواني الذي شكل فريقا لمتابعة القضية. من جانبه أشار استشاري الطب النفسي الدكتور محمد شاووش المشرف على علاج الطفلة (رزان) إلى حدوث ثأثيرات نفسية وبيولوجية على الأسر التي تتعرض لضغوط كبيرة، مثل حالات الفقدان التي تعرضت لها (رزان) ولا يعرف فيها مصير المختفي، مشيرا إلى أن ذلك يصيب بعض الأشخاص بالكرب الحاد وهو عبارة عن خوف شديد وقلق كبير وأفكار تعصف بالإنسان وتذهب به بعيدا، وتصاحبها أعراض التفكير وعدم النوم وبرودة الأطراف والتعرق، وتلك الظروف تؤثر على الفص الأمامي للدماغ ما يصيبه بأعراض شبيهة بأعراض الكآبة، وهذا يستدعي التدخل السريع للمصاب بإعطاء مهدئات وتمارين الاسترخاء والتدخلات النفسية السريعة والعاجلة في الأسبوع الأول من المشكلة، وغالبا تلك المشاكل قد لا تحدث لبعض الأشخاص أو أنها تحدث بشكل بسيط أو أنها تحدث متأخرة وهو قلق ما بعد الصدمة، وقد تظهر بعد عدة أشهر، منها أعراض جسمية وأخرى نفسية، مثل أن يتصور نفس المواقف السابقة التي حدثت وقت المشكلة وكأنه يمر بالمشكلة نفسها، لذا يعيش فيها مرة أخرى ويجب التنبه له والحرص على علاجه وإعادته للتكيف. وأشار شاووش إلى أن بعض المجتهدين قد يكونون سببا في زيادة المشكلة، حيث يأخذون المصاب بها والأسرة التي بداخلها الشخص المصاب إلى اتجاهات أخرى، مثل الإصابة بالمس والسحر وزيادة عقدة الشعور بالذنب أو زيادة توترهم، لذا يجب أن يترك التدخل للأشخاص المتخصصين في معالجة الحالة، مؤكدا أن الحالة الصحية ل(رزان) لحد كبير مستقرة وهي طيبة، ولكن البعد عن الأسرة لعدة أيام ليس بأمر بسيط، خاصة لمن يعيش في كنف الأسرة وأجوائها، وأؤكد أن حالتها النفسية والفيزيائية ممتازة وتحتاج لمساعدة وعدة جلسات لتجاوز الأمر، كذلك العلاج يتم للأسرة التي هي في وضع طيب بل رائع، مشيدا بالدور الكبير الذي قدمه والد الطفلة (رزان) في تخفيف أزمة غيابها وهو يؤكد أن ابنته ستعود بأمر الله، وكان يقدم النصح لأبنائه وأقاربه وكان بشوشا ومتوكلا على الله، بل تأثرت في يوم عودة (رزان) وكان ذلك بعد صلاة العصر وخنقتني العبرة لأجد منه موقفا عجيبا وهو يقف بجانبي ويشد من أزري وأنا الطبيب النفسي الذي حضرت للوقوف مع الأسرة، ولكن الموقف أثر بي وأنا أشاهده وهو يؤكد عودتها ورغم أنه أكثر شخص تأثر باختفائها إلا أنه كان أكثر شخص مؤثر في الجميع. الى ذلك روى عدد من أقاربها المشهد، حيث أوضحوا أنهم قاموا بتوزيع الأحياء إلى مربعات بهدف البحث عنها، وفوجئوا بمركبة أجرة -كما يشير شقيقها عاطف الغامدي- تسير وأمامها سيارة أخرى، حيث تم إيقافها في الوقت الذي تواجدت دورية أمنية تحفظت على قائدها، وكشف الغامدي عن وجود شكوك تجاه سيدة أفريقية أكد بعض أبناء الحي أنهم شاهدوا شقيقتهم رزان بصحبتها وهي غير واعية ولا تكاد تتكلم وكأن بها خطب ما، وتم البحث عن السيدة في كافة أرجاء الحي ولم يعثر عليها أو على رزان التي تتمتع بصحة وعافية. وأشار والدها ناصر محمد، أنه عند رؤيتها كانت بحالة نفسية متدهورة وتتحدث بغير وعي وبصوت غريب، وتم جلب معالج لها وأكد وجود خطب ما لديها، مثنيا على التعامل الذي وجده من ضباط التحقيق في الشرطة والذين تعاملوا بشكل إنساني مع حال الأسرة وقدموا لهم كل المساعدة الممكنة، مبينا أن المحققين قاموا بتقييد أقوال ابنته «رزان» والتي كانت تتحدث بشكل غير واضح وغير مفهوم، والتقط المحققون من حديثها أنها خرجت من المنزل يوم الأحد وتوجهت وهي غير واعية ودون أن تدرك من خلال مركبة أجرة إلى الكورنيش، كما تأكد لديهم أن رزان مكثت برفقة سيدة خلال الأيام الماضية، موضحا أن حالة ابنته الصحية منعت رجال الأمن من إكمال التحقيق معها، لذا غادروا مؤكدين عودتهم عند تحسن حالتها النفسية وخروجها من الصدمة ومن ما تعانيه من مشاكل نفسيه وصحية. ووصف والد رزان حالها لحظة العثور عليها عقب صلاة المغرب، حيث حضرت وهي تستقل مركبة الأجرة وكانت في حالة نفسية سيئة جدا، وتتحدث بغير وعي وبلهجة وصوت غريبَيْن، وتم الاستعانة بطبيب نفسي الذي شخص الحالة، وتم إعطاؤها حبوباً مهدئة، وأشار إلى أنها كانت تعاني اضطرابات نفسية سابقة، خاصة بعد مغادرة إحدى الخادمات التي كانت تعمل لدى الأسرة قبل 4 أشهر، إذ أصبحت رزان تعاني من علامات ومشاكل صحية، تم على إثرها الاستعانة بأحد المشايخ الرقاة بعد أن لاحظوا اعتلال صحتها، حيث أكد أنها تعرضت للسحر. فيما شكر علي محمد الغامدي (عم الطفلة رزان) كل من تفاعل مع حادثة اختفاء طفلتهم، وقال: «الخير في مجتمعنا لم ينقطع ولن ينقطع وقد شاهدنا تكاتف المجتمع معنا وهم يعيشون همنا وحالنا ومعاناتنا، والتي كشفت عن المعاني التي يحملها المجتمع والقيم التي يأمرنا بها ديننا الحنيف، كما تفاجأنا بالعمل الكبير الذي بذلته وسائل الإعلام وانتقال الحادثة وصور ابنتهم على مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف بها والدعوة لمن يعرف شيئا أن يتقدم إليه أو للجهات المختصة للإبلاغ، مشيرا إلى تفاجئه بحضور قافلة من السيارات الضخمة يتجاوز عددها 50 مركبة إلى منزل الأسرة بداخلها شبان في مقتبل العمر، ترجل أحدهم وهو يشير إلى صور رزان الذي أعاد تصويرها أكثر من 10 آلاف نسخة، كاشفا عن أعداد كبيرة من الشباب يتواجدون في كافة أرجاء المحافظة وينتظرون موافقة الأسرة لنشر تلك الصور في جميع المستشفيات والأسواق والمدارس والأماكن العامة، وتعجبت من موقف أولئك الشبان وهم يؤكدون وجود فريق آخر وهم قائدو المركبات سيعملون على البحث في الأودية والمستنقعات والآبار وبعض الأسواق والمساجد، لعلهم يجدونها أو يعثرون عليها وبدون مقابل أو أجر، وكل تلك الجهود بانتظار موافقة الأسرة فشعرت بفرح كبير وسعادة وأنا أرى موقف الشبان في مجتمعنا، كما تلقت الأسرة اتصالات من عدة مدن لأشخاص أكدوا تقديم الدعوات للأسرة وأن يعيد رزان إلينا وكم سرتنا تلك الاتصالات وسعدنا بها، ونحن نرى المجتمع بكافة شرائحه يقف معنا حتى المقيمين به من كل الجنسيات والذين قدموا للمنزل للمساعدة أو للمباركة والفرحة على وجوههم.