دخلت الكرة السعودية في الأوانة الأخيرة مع مطلع الألفية الثالثة في منحنيات جديدة وصعبة أصابتها بالوهن الإداري والارتخاء الفني، بل امتد الأمر إلى إصابة عمقها بالتشتت، وذلك بسبب التعاطي الخاطئ مع المنظومة الرياضية وإسناد الأمور لغير أهلها، مما أتاح الفرصة أمام الدخلاء والمنظرين بالعبث بمخرجات كرة القدم لدينا بعد أن ظهر جيل إداري جديد أشبه بالفيروس «القاتل» الذي يهدد مستقبل رياضتنا، إذا لم تستطع المؤسسة الرياضية التعامل معه بالطريقة السليمة واستأصله من جذوره، فإنه سوف يقضي على ما تبقى من المجد السابق الذي تم تشييده بسواعد رجال عرفوا بالهمة والعزيمة والفعل لا القول، فسكوتنا عليه ومجاملتنا له يجعله يستفحل مع مرور الوقت وتصبح معالجته في غاية الصعوبة. هذا الجيل الذي يمتاز ببلاغة الحديث وجمالية المفردة بدأ يتناثر داخل روح الرياضة وجسدها وبات يستغل جوانب ضعف وعي مجتمعنا ورغبته الملحة في مواكبة التطور الرياضي ليضع له قدما في الساحة في غفلة من الزمن بحجة ما تطلبه المرحلة قبل أن ينطلق ركضا خلف حبه الجم في الظهور الإعلامي والشهرة، حتى وإن كان ذلك على حساب مصلحة رياضة وطن، لا يهم، المهم أن يظهر ويبرز لينطلق معه الكثير منا بحثا عن رونق جديد يضاف لرياضتنا، إلا أننا اصطدمنا بجدار التجربة العملية التي افتقدت إلى الخبرة الملائمة ليفشل زعماء هذا الجيل في تحويل النظريات إلى واقع، ولم نفطن لذلك إلا بعد ما وقع الفأس في الرأس، وتصدر للمشهد أسماء أكاديمية بأعمال هلامية لم تضف لنا شيئا إلا الوهن والخذلان وهشاشة الموقف في المحافل القارية أضاعت حقوق أنديتنا في المشاركات القارية. ولعل تجربة ممثلين الرياضة السعودية السابقين في الاتحاد الآسيوي خير عنوان لهذا الجيل، فمثلا الدكتور حافظ المدلج الذي تفاءل به الشارع الرياضي كثيرا بأن يكون خير خلف لخير سلف لراحل «الهمام» عبدالله الدبل -رحمه عليه-، إلا أنه لم يستطع برغم ما يتمتع به من علم وروح شبابية وديناميكية أن يحقق على مدار 8 سنوات نصف ما حققه الدبل -رحمه الله- صاحب الخبرة والعلاقة والحكنة الواسعة لرياضة السعودية، ولم يضف المدلج عبر موقعه في الاتحاد الآسيوي لرياضتنا سوى تغريدات تويترية وصور باريسية لا تغني ولا تسمن من جوع، ساهمت في غليان الشارع الرياضي بأسره، مما دفع بمنسوبيه الاحتفال بعدم ترشحه لفترة ثالثة، والسبب لأننا لم نتعامل مع إمكانات المدلج بالطريقة المناسبة وإنما أخذتنا العاطفة واندفعنا معه، حيث تم رمي ورقة المدلج في وقت مبكر قبل أن يكتسب النضج الإداري والخبرة الكافية في هذا المسار، بالتالي دفعت الكرة السعودية ثمن ذلك غاليا، والآن وبعد تلك التجربة لا تزال هناك أصوات تجهل كثيرا من الدراية الصادقة لمصلحة الكرة السعودية، وتسعى لإعادة التجربة الفاشلة من خلال ترشح المسحل الصغير إلا أن الاتحاد السعودي أحسن صنعا بالتروي في ذلك، حتى لا يكون المسحل «مدلج» آخر، ونخسر كفاءة إدارية من الممكن الاستفادة منها مستقبلا، أما مسألة الانتقادات التي طالت اتحاد الكرة ورئيسه فإنها لا تخرج عن الحملة الشرسة المقننة على أحمد عيد منذ تنصيبه رئيسا للاتحاد سوف تذوب كما أذاب أحمد الخميس مطالبات أعضاء الجمعية العمومية، وكشف عدم علمهم بالأنظمة والقوانين.