لم يتردد التربوي عبدالرحمن حمياني في أخذ طلابه من الفصل والوقوف بهم على الأبنية القروية العتيقة بما تمثله الآثار من شواهد على حياة أجداد كانت عامرة بالنشاط والحيوية والحكمة، وطالب المهتمين بالتراث بالالتفات للقرى الأثرية وترميمها وشق الطرق إليها وتحويلها مزارا سياحيا ومنها قرية الجرف التي تشرف على واديين عظيمين من الناحية الشرقية والشمالية الشرقية وهما وادي ضيان، ووادي راش، في القطاع التهامي لمنطقة الباحة. وخرج الحمياني سيرا على الأقدام بصحبة طلابه لتعريفهم بالموروث وربطهم بعظمة مشيديها وقوة ومهارة الأجداد وإحكام بناء القرية من حيث توزيع البيوت ووضع الممرات وتجميل الشرفات بالرغم من تلاصقها التام في أغلب الأماكن ما يقطع الاختلافات والخصام بين سكان القرية ويحد من حدوث الإشكالات بكل أنواعها. ويروي الحمياني أن أعيان القرية كانوا يتوزعون أدوارا يومية وكان لكل واحد دور يؤديه بكل إخلاص وأمانة دون أن يتجاوز أحد منهم على صلاحيات الآخر، فكانوا معنيين بوضع نظام للقرية وقوانين صارمة والبت في القضايا الحادثة داخل القرية أو الأحداث الخارجية اليت لابد فيها من رأي جماعي لأهل القرية، ويؤكد أن بناء المنازل مكون من عدة طوابق وتستخدم الدرج الحجري الداخلي للانتقال من طابق إلى آخر ولها غرف واسعة ومتعددة يفصل بينها جدران حجرية، مشيرا إلى تفاوت المنازل من حيث الفخامة والجودة والاتساع، فطول بعض المنازل يصل إلى 15 مترا وله غرف واسعة، وفي المقابل هناك بعض الغرف تقدر مساحتها في حدود 2× 3 مترا، وتطلع إلى تحويل القرى الأثرية إلى مقصد للزائرين بعدما يعاد ترميمها وتوفير بعض الخدمات للزائرين، وفتح طريق معبدة للوصول إليها في يسر وسهولة أو تحويلها إلى متحف بكل ما تعنيه هذه الكلمة.