تقوم الملحقيات التعليمية في الدول التي يدرس فيها أبناؤنا بجهود إدارية وإشرافية تخدم المبتعثين والمبتعثات، وهي جهود مقدرة ولا شك. غير أن هناك جهدا وعملا أعتقد بأن على الملحقية التعليمية أن تقوم به لإكمال رسالتها ومسؤوليتها تجاه المبتعثين بحكم علاقاتها واتصالاتها المفترضة مع المؤسسات التعليمية في الدول التي توجد فيها تلك الملحقيات، فالطالب مهما كان وضعه ولغته ومستواه التعليمي لن يكون أكثر معرفة وإلماما بالمؤسسات التعليمية الأجنبية كالملحقيات التي لها صفة رسمية تخولها لبناء علاقات وثيقة بكل المؤسسات التعليمية، سواء كانت خاصة أو حكومية وذلك لمصلحة الطالب الذي يأتي إلى البلد المبتعث إليه ليبدأ أولى مراحل الدراسة في معاهد اللغة وإذا ما انتهى من مرحلة اللغة فإنه سيواجه مشكلة القبول في الجامعات لأي مرحلة تعليمية سواء كانت البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، وهي مشكلة يتعرض لها كل طالب، وحتى وإن حصل على قبول، فقد يواجه مشكلة رفض الملحقية التعليمية لذلك القبول لكون الجامعة التي قبلته غير معترف بها، أو أن فيها تكدسا طلابيا لتخصص معين، وبالطبع فإن للملحقية التعليمية الحق في ذلك الرفض، حرصا منها على المستوى التعليمي للمبتعث، ولرغبتها في تنوع الخبرات التي يحصل عليها، لكن دور الملحقية في نظري لا بد وأن يتعدى ذلك إلى توجيه الطالب لعدد من الجامعات التي يفترض أن يتم التنسيق معها مسبقا على قبول نسبة من المبتعثين الذين تنطبق عليهم شروط القبول في التخصصات التي تقدمها تلك الجامعات. وحتى أكون واقعيا فإن الملحقيات التعليمية في دول الابتعاث لا تملك حق فرض قبول المبتعثين على الجامعات الأجنبية لأنها مؤسسات مستقلة بذاتها، لكنه من الممكن «التنسيق» معها إذا ما تم الاتصال بها، وإقامة علاقات تعاون معها ولا أستبعد أن تقبل الجامعات بذلك التعاون، خصوصا أنه لا يخرق قوانينها وأنظمتها ومتطلباتها. دعونا نأخذ مثالا على المبتعثين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تحتضن ولاياتها عشرات الآلاف من الجامعات والكليات والمعاهد العليا المتخصصة في شتى فروع العلم والمعرفة، أعتقد بأن نسبة كبيرة منها ترحب بالطلاب والطالبات السعوديين، خصوصا أنهم مشمولون بالرعاية الكاملة، وبتحمل الدولة لكافة تكاليف دراستهم مهما كانت وهي ميزة تحبذها وتطلبها أغلب الجامعات التي يتقدم إليها سنويا مئات الطلاب الأجانب الذين يبحثون عن منح دراسية تغطي تكاليف دراستهم كاملة أو تغطي جزءا منها. إن مثل هذا الإجراء سيحقق فائدة كبيرة للمبتعثين كما سيحقق أيضا هدف الملحقية التعليمية في عدم تكدس المبتعثين في جامعة معينة وفي تنوع الخبرات والمعارف التي يتلقاها المبتعث.. فهل تبادر الملحقيات التعليمية إلى هذا الإجراء؟.