إن روافد برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي لم تلق بظلالها فقط على تنمية المواطن السعودي بل امتدت أيضًا إلى البلد المضيف للمبتعثين السعوديين لتكون شجرة مثمرة في كل الأنحاء، وهذا ما أكدته إحدى المقالات المنشورة في جريدة جلوب أند ميل الكندية، التي تلقى احترام وقبول المجتمع الكندي حين نقلت كلمة رئيس وزراء مقاطعة أنتاريو دالتون ماجنتي التي تعد أكبر المقاطعات الكندية في حفل العشاء الذي نظم لجمع تبرعات لدعم البرامج التعليمية الكندية، حيث دعا ماجنتي «إلى ضرورة العمل على استقطاب المزيد من الطلبة الدارسين من خارج كندا وخاصة من المملكة العربية السعودية، لأن ذلك سيساعد المقاطعة على توسيع المدارس وتوفير فرص عمل جديدة للكنديين». ولهذا حرصنا على أن نلتقي مع الملحق الثقافي بكندا الدكتور فيصل المهنا أبا الخيل لمناقشة عدد من الأمور المتعلقة بالمبتعثين في كندا، التي صارت ثالث دولة على مستوى العالم مستقطبة للمبتعثين السعوديين بعد بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية، حيث وصل عدد المبتعثين لكندا في آخر ثلاث سنوات إلى ما يقرب من 14 ألف مبتعث: ما هو تقييمكم لتجربة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بعد أن زاد عدد المبتعثين خلال الثلاث سنوات الأخيرة في كندا؟ أفاد الدكتور فيصل أبا الخيل أن تجربة برنامج الابتعاث إذا قمنا بتقييمها سنجد أنها خلال الخمس سنوات الأخيرة حققت نجاحات على أكثر من مستوى، فعلى المستوى الكمي تجاوزت أعداد المبتعثين أكثر من 120 ألف مبتعث موزعين على عدد كبير من دول الابتعاث استفادوا خلالها من طيف واسع من البرامج العلمية التي تقدمها دولة الابتعاث، والتي تحتاجها المملكة في الوقت الحاضر لدفع عجلة التنمية بالصورة التي ينشدها ولاة الأمر. أما على المستوى النوعي فنجد أن المملكة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها نجحت فعلاًَ في مجال الاستثمار المعرفي، وحققت نوعًا من التميز، بعد أن ركزت على دفع عجلة التنمية على أسس علمية، بسواعد أبنائها المبتعثين الذين نهلوا العلم والمعرفة من منابعه الأصلية في الدول المتقدمة علميًا. ولهذا باسمي وباسم كافة المبتعثين نتوجه بخالص الشكر لخادم الحرمين على دعمه لاستمرارية برنامج الابتعاث، الذي تم بناء على قناعة تامة من قبل خادم الحرمين بنجاح تجربة الاستثمار في بناء الإنسان. وأضاف الدكتور فيصل: «لهذا أعد تجربة الابتعاث تجربةً إيجابية بكل المقاييس، وأتمني أن يستمر برنامج الابتعاث لسنوات قادمة، على أن يتم إعادة النظر في أولوياته لما يتناسب مع حاجة الوطن، وكذلك إضافة عدد من البرامج حتى تعم الفائدة كافة قطاعات سوق العمل. كما أدعو إلى التركيز في الابتعاث للجامعات التي أثبتت تميزها». تعالت بعض الأصوات على ضرورة أن يتم دراسة اللغة في المملكة قبل الابتعاث من أجل توفير المال والوقت على الدولة والمبتعث.. ما رأيكم في ذلك؟ أكد أبا الخيل على أن قضية اللغة ستظل مسألة فيها الكثير من الطرح والكثير من الحجج التي تدعم التوجهين، فقال: «أما بالنسبة لي أنا شخصيًا فأنا أرى أنه يجب أن يكون لدى المبتعث عتبة دنيا من المعرفة اللغوية والثقافية حتى يتسنى له التواصل مع الجامعات التي يرغب في الدراسة فيها، وكذلك على فهم الأمور الثقافية والقانونية لدولة الابتعاث، مما يتيح له فرص قبول أفضل في الجامعات في دول الابتعاث». وأضاف: إن دراسة اللغة في بلد الابتعاث له فوائده أيضًا ولهذا أرى أن التوازن بين الأمرين دائمًا سيكون في صالح المبتعث. يشتكي بعض المبتعثين من مصداقية بعض معاهد اللغة، كيف حلت الملحقية تلك المشكلة؟ وهل توجد رقابة إدارية على تلك المعاهد؟ يوجد على موقع الملحقية في مفكرة المبتعث قائمة بالمعاهد التي توصي بها الملحقية والتي يتم اختيارها على أسس علمية قائمة على جودة التعليم في هذه المعاهد، هذا إلى جانب أننا نفضل توجيه الطلاب إلى دراسة اللغة في المعاهد التي تتبع للجامعات؛ لأنها الأفضل بالطبع، ثم يليها المعاهد التابعة لكليات المجتمع الحكومية، وكذلك المعاهد الأعضاء في المنظمة الكندية الرسمية للغات. أما بخصوص الإجراءات التي اتخذتها الملحقية لمعالجة مشكلات طلبة اللغة، أنها أولاً وفرت وحدة خاصة لمتابعة أحوال دارسي اللغة، والوقوف على احتياجاتهم وحل مشكلاتهم، عن طريق التواصل المباشر مع المعهد للاستفسار عن الشكوى أو الطلب المطروح من قبل الطالب. ومن ناحية أخرى وضعت الملحقية قائمة بالمعاهد الموقوفة بسبب تكدس أعداد الطلبة السعوديين بها أو أن خدمات تلك المعاهد لا ترقى للمستوى الذي تطمح إليه الملحقية. كما نبّه الدكتور فيصل إلى أن المشكلة المتعلقة باللغة تكمن في أن الطالب في بداية بعثته يكون مسجلاً في معهد غير موصى به، ثم يطلب منه الانتقال إلى معهد معترف به، ولهذا دعت التوجيهات الأخيرة من وزارة التعليم العالي، والتي تصب في مصلحة الطالب، إلى ضرورة أن يلتحق الطالب بمعهد اللغة التابع للجامعة التي حصل منها على قبول أكاديمي. ما هي الطريقة المثلي للتواصل مع موظفي الملحقية؟ إن مسألة التواصل مع الملحقية قد تبدو للبعض على أنها مشكلة، ولكن ما أريد أن أؤكده هو أن الملحقية وبدعم وتوجيه مستمرين من وزارة التعليم العالي حرصت على توفير قنوات تواصل مختلفة وفاعلة، إن شاء الله، منها: هاتف الطوارئ الذي خصص للرد على الحالات الطارئة، إلى جانب بوابة الطلبة المبتعثين التي تتيح الفرصة للمبتعثين لتقديم أي طلبات أو استفسارات تتعلق بحاجاتهم الدراسية والأكاديمية وكذلك الثقافية والاجتماعية، كما أنها طورت نظام الاستدعاءات الذي يتيح الفرصة لتقديم استدعاء عاجل يصل لمكتب الملحق الثقافي مباشرة وذلك عن طريق موقع الملحقية، إلى جانب صفحة الملحقية على موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك»، وللشفافية يمكن أن نقول إنه نظراً لتزايد أعداد الطلاب وكثرة الطلبات المقدمة من قبلهم فليس هناك سبيل واضح لتحقيق المثالية في التعامل مع مسألة التواصل الهاتفي، وقد يحدث بعض الإخفاق في تقديم الخدمات ولكننا في الملحقية نسعى دائمًا للحد من ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن الخدمات تصل غالباً للسواد الأعظم من الطلاب وأن نسبة من لا يتلقون الخدمات المطلوبة قليلة جداً، إن شاء الله، إلى جانب أنه من الضروري أن نفرق بين أمرين مهمين: أولهما عدم وصول الطلب الذي يريده المبتعث، وعدم الموافقة على طلب المبتعث، والثاني هو الأحرى بالوقوف عنده حيث إن بعض الحالات لا تتم الموافقة عليها، إما لاعتبارات تنظيمية أو بسبب لوائح لا يمكن تجاوزها. كما أضاف الدكتور فيصل إلى أن الحالات التي يثبت أنها رفضت لسبب غير واضح يتم تصحيحها وتقدم الخدمة المطلوبة للطالب، وقد طالب أبا الخيل المبتعثين بالاجتهاد ولو قليلاً في قراءة تعليمات ولوائح الابتعاث الموجودة على موقع الملحقية تحديداً ما يسمى بضوابط الإشراف الدراسي التي يتم الوصول إليها من خلال مفكرة المبتعث للمساهمة في إتاحة الفرصة لمن هم فعلاً بحاجة لخدمات الملحقية ممن تستعصي عليهم بعض الأمور. وتسعى الملحقية دائماً إلى تحسين خدماتها ومن ذلك ما قامت به مؤخراً من إنشاء استفتاءات إلكترونية لمشاركة المبتعثين بآرائهم والتي أعلنت نتائج بعض منها، كما تم إنشاء ما يسمى بوحدة الإرشاد الطلابي التي ستعنى بجميع شؤون الطلاب الأكاديمية وجميع طلبات التواصل بما فيها الشؤون الخاصة كذلك. يشتكي البعض من المشرفين الدراسين ما ردكم على ذلك؟ أبان دكتور فيصل أن كل المكالمات التي تتم بين المشرفين والطلبة مسجلة، وفي حالة ثبوت أي تقصير يتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذلك وفقًا للقوانين واللوائح، كما أن هناك نية لتوفير برنامج تقييم وتطوير أداء منسوبي الملحقية وعلى رأسهم المشرفين الدراسين، وستسعى الملحقية لإشراك المبتعثين في ذلك، إن شاء الله، بصفتهم عنصراً أساسياً في قياس أداء المشرف الدراسي، وذلك عن طريق إبداء آرائهم من خلال استبانة ستعمم عبر موقع الملحقية، لأنهم أقدر فئةٍ على تقييم مشرفيهم بحكم العلاقة الدائمة والمباشرة بينهم. مشكلة غلاء مستوى المعيشة في كندا واحدة من الأمور التي تؤثر على أداء المبتعثين، فهل هناك من حلول لإعانتهم على مواجهة تلك التكلفة؟ أوضح أبا الخيل أنه حق للمبتعثين على الملحقية دراسة هذا الأمر بكافة جوانبه والتواصل مع الجهات صاحبة الصلاحية بأي توصيات تصب في مصلحة المبتعث وتستجيب لمطالبه الحقيقية، وفي ذلك ذكر أن وزارة التعليم العالي لا تألو جهداً في تتبع هذا الأمر وإعداد الدراسات العلمية اللازمة للوقوف على واقع الحال واتخاذ الإجراءات المناسبة، كما هو الحال فيما يخص موضوع رسوم الحضانة والذي نتمنى جميعاً أن يعتمد قريباً إن شاء الله. ما أسباب عدم الصرف على الزوجة غير السعودية؟ إن قضية الصرف على الزوجة غير السعودية قضية مهمة حري بها أن تدرس بعناية وتعرف أعداد الحالات وينظر في المكاسب التي ستجنى من ورائها، خصوصًا أن مبتعثي كندا يمثلون ما يتجاوز ال 10% من نسبة المبتعثين في العالم أجمع ثم ترفع للجهات المعنية، ولكن أود أن أنوّه إلى أن الزوجة غير السعودية تستفيد من كافة مصاريف السفر والعلاج. هل هناك مشاكل قانونية لمبتعثي كندا؟ أجاب أبا الخيل: «لا بد أن نكون منطقيين فبرنامج بهذا الكم لا بد أن تكون هناك نسبة ممن يتعرضون لمشاكل قانونية على مستوى دول الابتعاث، ولكن لا تتجاوز الحد المتوقع ولا يمكن وصفها بالظاهرة، وبالنسبة لكندا يمكن القول بأنها الاستثناء وليست القاعدة كما أود أن أنوّه إلى الجهود المباركة لسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى كندا في توفير الدعم القانوني لكافة مبتعثينا ومرافقيهم، حيث يتم التعامل مع جميع الحالات التي تستدعي ذلك بسرعة وفعالية عالية. ما أكبر تحدٍ يواجه الملحقية في الوقت الحالي؟ وكيف تم حل ذلك؟ تظل مشكلة إيجاد القبولات في الجامعات الكندية من أهم التحديات التي تواجه الملحقية، وتسعى الملحقية للتواصل مع مختلف المؤسسات التعليمية الموصى بها من جامعات وكليات وبشكل مستمر؛ بغية تحسين فرص القبول لديها، ولاسيما مع الجامعات التي تحظى بمكانة علمية عالية، وندعو الله أن يوفق الجميع. أما عن الحلول فقد استطعنا بفضل الله ثم بدعم من وزارة التعليم العالي، تحقيق بعض الإنجازات من خلال التعامل مع المنشآت التعليمية في كندا بشفافية أكثر في عملية تأصيل العلاقات، الأمر الذي انعكس على تفاعل هذه الجامعات مع مطالب الملحقية واهتمامها، وليس الحديث عن جامعة معينة، بل عن معظم الجامعات الكندية، وأخص بالذكر تلك الكبرى منها، وبالنسبة إلى تنسيق العلاقات مع الجامعات وتوفير القبولات للمبتعثين لتحسن فرص القبول لاسيما مرحلة الدراسات العليا، فهنالك إنجازات كبيرة، إضافةً إلى ذلك أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث سهل للملحقية تحقيق وإبرام مجموعة من الاتفاقيات مع عدد من كليات الطب الكندية لقبول المبتعثين في مرحلة «البكالوريوس»، وهذا الأمر كان صعباً تحقيقه لولا وجود هذا البرنامج، أضف إلى ذلك إبرام العديد من الاتفاقيات مع عدد كبير من الجامعات، لتحسين فرص قبول المبتعثين، وإيجاد فرصة وأرضية واضحة تفسر العلاقة بين برنامج الابتعاث والجامعات، وهذا الأمر يشجع الجامعات الكندية على قبول عدد أكبر من المبتعثين والمبتعثات. كيف يتفادى الطالب المبتعث، وكذلك المرافق مسألة عدم الصرف عليه؟ أوضح أبا الخيل أن للمبتعث الحق في اختيار المعهد الذي يريد الدراسة فيه لمدة 6 أشهر، على أن ينتقل بعدها إلى معهد الجامعة التي حصل من خلالها على قبول مشروط، حيث إن من أنهى دراسته في معهد خارجي وأحب العودة للجامعة التي حصل منها على قبول مشروط فإنه يتوجب عليه الحصول على درجة معينة في اختبار التوفل أو الآيلتس كشرط للبدء بالبرنامج الأكاديمي، الأمر الذي قد يصعب تحقيقه في بعض الحالات. كما أنه تمت الموافقة على دراسة الطالب في معهد جامعة ليس لديه فيها قبول مشروط، شريطة أن يكون أداؤه الدراسي جيداً، وأن يكون قد نجح في عدد معين من المستويات الدراسية وأن يكون معدله في الثانوية العامة يقبل لدى جامعته التي يدرس فيها وأن يكون التخصص المبتعث إليه موجود في نفس الجامعة لضمان وجود فرصة كبيرة لقبول الطالب في الجامعة. وأما بالنسبة لمسألة وقف الصرف على المرافقين متى ما انتهت بعثة المرافق الأصلي، فأشار أنه إذا انتهت بعثة المبتعث وبقي في البرنامج الدراسي للمرافق ما نسبته 25% أو أقل فسيستمر الصرف عليه وستفصل بعثته إلى أن ينهي دراسته ويتخرج إن شاء الله. أما إن كانت النسبة أكثر من 25% فينظر في هذه الحالات كل على حدة. وفي سؤال عن المرافق مع أخته التي ستتزوج قريباً، فقد ذكر الدكتور أبالخيل أن هذا الموضوع سيؤخذ بعين الاعتبار وستدعم الملحقية طلب إلحاقه بالبعثة لدى وزارة التعليم العالي.