حتى لا يتعثر القادمون إلى كندا لا شك أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله بتمديد برنامجه الفريد للإبتعاث الخارجي لمدة خمس سنوات قادمة من أهم القرارات التاريخية في مسيرة النهضة القادمة إلى بلادنا الحبيبة والتي ستؤدي بإذن الله إلي إحداث طفرة نهضوية متسارعة الإيقاع في جميع شرائح وطبقات المجتمع السعودي وبعد نشوة الفرح بالقبول في برنامج خادم الحرمين للإبتعاث الخارجي الي كندا وبدء الاستعدادات المكثفة للسفر تبدأ الأسئلة والمخاوف في الظهور لدى المبتعث الجديد إلى كندا خاصةً عندما تصل الأخبار السيئة عن تعثر البعض من المبتعثين والمبتعثات والذين لم يحالفهم الحظ بالإستمرار في الدراسة بكندا وعادوا بخفي حنين... ويكون السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن هو... لماذا لم يحالف هؤلاء التوفيق؟ وربما تكون الإجابة السهلة لمجتمعنا القاسي هي في أن هؤلاء الطلبة لم يكونوا جادين وكانوا السبب الرئيسي في فشلهم الا ان هذا التعميم وفي هذا الموضوع بالذات قد لا يكون عادلاً بحق الجميع لان هذا السبب لا ينطبق على جميع الحالات وتعميم الانطباع الخاطئ على جميع الحالات قد يؤدي بكل بساطة إلى إغفال العديد من المشاكل والأخطاء التي حدثت في بدايات برنامج الإبتعاث والتي ربما حان الوقت لتفاديها وحلها قبل ان يقع فيها أبناؤنا وإخواننا القادمين إلى كندا من جديد وحتى لا يكون هذا المقال على غرار المقالات التي تصيح وتنوح وتنتقد بدون أن يكون هناك إقتراح للحل أو أن تكون هناك مبادرة للمساعدة والتعاون فإنني هنا سأنقل ملخصاً للمشاكل التي عانى- و لا زال يعاني- منها مبتعثو كندا مع بعض الإقتراحات العملية من المبتعثين الحاليين أنفسهم لحل هذه المشاكل لعل هذه الإقتراحات تجد صدراً رحباً لدى المسئولين بوزارة التعليم العالي لتبنيها وتنفيذها قبل وصول الدفعات القادمة مع ملاحظة أن هذه المشاكل هي ما يعاني منه المبتعثون الجادون ويؤدي إلى تكالب الصعوبات عليهم وفشل بعضهم أحيانا أما الذين يفشلون بسبب سلوكياتهم وانحرافاتهم وإهمالهم فليس لهم نصيب في هذا المقال ويحتاجون الي مجلدات لمناقشة كيفية التعرف عليهم ومتابعتهم واعطاء الفرصة لغيرهم عند اختيار الدفعات القادمة من المبتعثين وسنبدأ بالأمور الأكاديمية: لعل أكثر ما يعاني منه المبتعث في كندا هو صعوبة القبولات الأكاديمية لقلة الجامعات ولطلب درجات عالية في إختبارات تحديد مستوى اللغة الإنجليزية وهذا لا شأن للوزارة ولا الملحقيات فيه إلا أننا نستغرب من بطء المتابعة لما يستجد من البرامج القوية والمعترف بها والتي هي في صلب الاحتياج لوطننا الغالي واعتمادها وتحديثها على موقع الوزارة وهو ما يمكن فعله بسهولة عن طريق متابعة موقع اتحاد الجامعات الكندية والتي تعتمده الوزارة في تحديد الجامعات او عن طريق الزيارات الميدانية والتقييم المستمر ويؤدي تاخير المتابعة الي تاخير اعتماد جامعات قوية وبرامج متميزة وتأخير تحديث موقع الوزارة للجامعات المعتمدة وبالتالي رفض التحاق الطلبة بهذه الجامعات الى أجل غير مسمى في وقت نحتاج فيه الى مضاعفة الجهد لفتح برامج جديدة وجامعات مغلقة لاستيعاب الاعداد الكبيرة الموجودة حالياً بكندا والقادمة قريباً كما يستغرب بطء التواصل بين الوزارة والملحقية بهذا الخصوص حتى أن أحداً من الزملاء بقي في دوامة بين الوزارة والملحقية لمدة سنة كاملة كل يقول هذه ليست من صلاحياتنا فلترسل الملحقية لنا بالموافقة على هذه الجامعة والملحقية تقول هي من الجامعات القوية والمعترف بها في اتحاد الجامعات الكندية ولكن ليس لنا أن نوافق على الدراسة فيها حتى تدرجها الوزارة في قائمة الجامعات المعترف بها . ومن المؤسف أيضاً أن تقفل كثير من الجامعات بسبب تكدس الطلاب السعوديين فيها مع أن كثير من هذه الجامعات تنفي هذا التكدس المزعوم فالجامعات لديها نسب محدده لكل دوله وللطلاب الدوليين , حتى وإن كان هناك بالفعل تكدس للطلاب فعندما توقف الجامعة لهذا السبب يقل عدد الطلاب السعوديين الدارسين بها كثيراً ولا يلتفت إلى هذه الجامعة إلا بعد مرور زمن طويل جداً فلماذا لا يكون هناك تحديث مستمر لنسب الطلاب بحيث يمكن المحافظة على فرص القبول بهذه الجامعات عندما يقل عدد الطلاب عن هذه النسب ومن الأمور المزعجة لدى المبتعثين هو تطبيق القرارات الجديدة التي تصدر من الوزارة أو الملحقية حتى على المبتعثين الذين قطعوا نصف الطريق أو يسيرون على برنامج تمت الموافقة عليه مسبقاً مما يؤدي إلي تغيير خطة المبتعث وبشكل مفاجئ عدة مرات خلال فترة بعثته فعندما - على سبيل المثال- يتم اغلاق جامعة واخراج الطلبة السعوديين منها او الغاء الاعتراف بكلية كانت معترف بها مسبقاً فالعدل أن يطبق هذا القرار الجديد على الدفعات الجديدة حتى يبدأ المبتعث دراسته على بينه ولا يكون له عذر لو اهمل او قصر لانه قد اعذر من انذر طلبة الماجستير في كندا يعانون معاناة شديدة في القبولات الأكاديمية فلماذا لا يكون هناك مرونة معهم في تغيير التخصص لمن لم يوفق في القبولات أو في دراسة مواد مساعدة فكثير من الجامعات تطلب من الطالب دراسة ما يسمى بالبريماستر وهي مواد مساعدة ومؤهلة لمدة تتراوح بين الستة والتسعة أشهر وهو ما يقابل بالرفض في بعض الحالات فمن المؤسف أن يدرس الطالب مرحلة اللغة لمدة تقارب السنتين ثم يعود صفر اليدين . ولا أنسى إخواني الأطباء الذين أصبحوا يواجهون خطر الإنقراض من المستشفيات الكندية بعد أن قلت الأماكن الشاغرة للمتدربين الأجانب وزادت الرسوم وبات علينا أن نفكر خارج الصندوق لأغراء المستشفيات الكندية بقبول متدربينا فالمسألة لم تعد مسألة - فلوس فقط- بالنسبة لهم وربما حان الوقت لنعرض عليهم أموراً أخرى لتعزيز التعاون المشترك كالتعاون الثنائي الإتجاه وتبادل الأطباء ودعم البحث العلمي وأستشهد هنا بالخطوة الرائعة التي قام بها خادم الحرمين بإنشاء كرسي بحثي في جامعة تورنتو بالنسبة لإخواننا المرافقين فلا يتم ارفاقهم بالبعثة طوال فترة دراستهم للغة ولم يتم شملهم بمكرمة الإلحاق للدارسين على حسابهم الخاص مما يؤثر عليهم مادياً ويعيق بعضهم عن الدراسة رغم كون تشجيعهم للدراسة هو من الإستثمارات المضمونة في هذا البرنامج كونهم موجودين أصلاً في بلد الإبتعاث من شروط البعثة وجود المرافق للمبتعثة وعندما يكون هذا المرافق أخاً أو أباً فالسفارة الكندية لا تعامله كمعاملة الزوج والزوجة بل يعامل كسائح ولا يتم إعطاءه -اذا لم يكن يريد الدراسة- الا فيزا لمدة ستة أشهر ومن هنا تبدأ معاناة أخرى عند تجديد الاقامة فلماذا لا تكون هناك اتفاقيات بين سفراء البلدين بوجود وزير التعليم العالي لتوضيح نقطة المرافق لهم العائلات السعودية تعاني كثيراً من غلاء الحاضنات والتي لا تغطيها الملحقية ولا تغطيها بنود الإبتعاث الحالية والتي تصل تكاليفها الي ثلث مرتب المبتعث للطفل الواحد وهذا سبب اخر لعدم دراسة المرافقين وعودة العديد من الأسر فلماذا لا يتم اضافة بند مالي لتغطية تكاليف الحاضنات لتشجيع المرافقين على الدراسة أما بالنسبة للأبناء الكبار فلماذا لا يكون هناك أكاديمية سعودية في كندا- أسوةً بوجودها في بلدان أخرى- بالإضافة الى تفعيل لدور المراكز التعليمية السعودية وصلاحياتها لاجراء اختبارات اخر العام فمن العدل أن يكون لجميع أبناء المبتعثين في كل البلاد نصيب من التعليم ومن المؤسف أن يذهب المبتعث وأبنائه إلى العاصمة التي تبعد الاف الاميال عن مدينته لإجراء اختبارات الثانوية العامة رغم وجود نادي سعودي ومركز تعليمي بمدينته ناهيك عن أن كثيراً من المبتعثين لا يستيطون مرافقة أبنائهم لمراكز الإختبارات بسبب لزوم تواجدهم في بلد الابتعاث للدراسة أو لمرافقة المبتعث فلماذا لا يتم التنسيق بين وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم لحل هذه المشكلة وألإستفادة من الأندية السعودية والمراكز التعليمية بهذا الخصوص وليست هذه هي المشكلة الوحيدة التي يعاني منها أبناء المبتعثين فقد بدأت المدارس الكندية في بعض المدن برفض دراستهم مجاناً الا عندما يبدأ ولي أمرهم الدراسة الأكاديمية - وهي مدة قد تصل إلى سنة ونصف عند دراسة اللغة- وقد أصبحت هذه المشكلة الجديدة- والتي لم تكن موجودة قبل عدة سنوات- أصبحت هاجساً وهماً شاغلاً للعوائل القادمة إلى كندا خاصةً وأن الرسوم المفروضة على الطفل الواحد تصل إلى الف دولار شهرياً للطفل الواحد أي بمثابة ثلث مرتب المبتعث - قضية أخرى عاجلة وتحتاج لتدخل عالي المستوي لحلها الأندية السعودية في كندا خاصة وفي باقي البلاد عامة لها دور فعال في توجيه الطلاب وإزالة كثير من العوائق على المبتعثين وبفضل جهود وزارة التعليم العالي تم فك الارتباط السياسي بين امريكا وكندا وتم تسجيل وتفعيل الأندية السعودية كجمعيات مسجلة في الحكومة الكندية ولكن ماديا الأندية السعودية لا زالت قائمة على دعم الطلاب ومشاركاتهم في ظل عدم وجود دعم كافي من الملحقية لأنشطتها ولإيجارات مقارها وهذا من شأنه تقليل فاعليتها ودورها الريادي في خدمة المبتعث فلماذا لا يتم دعمها مادياً ومعنوياً بشكل أكبر لتصبح صروحاً ثقافيةً اجتماعيةً تفيد وتخدم الطلبة المبتعثين وتنشر الثقافة السعودية في كندا . لماذا لا توافق الملحقية على إعطاء ضمان مالي للجامعات الكندية قبل وصول المبتعث إلى كندا فلو أرسلت الملحقية الضمان المالي للجامعة قبل وصول المبتعث فان الجامعة ستوافق على ارسال القبول للمبتعث قبل سفره من المملكة وهو ما يمكن الطالب من الحصول على تصريح دراسة لمدة تصل إلى خمس سنوات بدلا من جعل الطالب يقدم على الفيزا بقبول اللغة فقط ليحصل على تصريح دراسة لا تتجاوز مدته سنة واحدة فقط يتم تأخير الصرف المالي بعد وصول المبتعث إلى أرض الابتعاث عندما يكون في أكثر الأوقات حاجةً إلى المال فلماذا لا يتم تسريع عملية الإيداع الأولى للمبتعث ليتمكن من تغطية الإحتياجات الرئيسية عند وصوله لدولة الإبتعاث نظام تعويض الفواتير بطئ ويحتاج الي تفعيل لدور التكنولوجيا في قبول الفواتير الالكترونية بدلا من نظام الفاتورة الاصل والتي لا استطيع ان احصي عدد المرات التي ضاعت في البريد تذاكر الطيران وحصرها في مكتب واحد مشكلة شديدة التعقيد يعاني منها مبتعثي كندا فلماذا لا يوضع بند مالي يمكن المبتعث من شراء التذكرة من اي مكتب طالماً لا يتجاوز سعرها مبلغاً محدد مسبقاً ولماذا لا يترك للمبتعث حرية التصرف في تذكرته سواء في تأجيلها او تغييرها طالماً انها تعطى مرة واحدة في السنة لا يخفى أيضا على الجميع أن الملحقية تعاني من نقص شديد في عدد الموظفين وهذا هو السبب الرئيس في تأخير انجاز المهام والضغط الشديد على الموظفين فلماذا لا يكون هناك استغلال لخبرات المرافقين وخاصة المتميزين منهم وذوي الخبرات ولو بدوام جزئي وكما يقول المثل (ما حك جلدك مثل ظفرك ) او توفير وظائف إضافية للكوادر السعودية المؤهلة والمستعدة للقدوم والعمل من المملكة كما يتمنى المبتعثون أن يتم تدريب المشرفين الدراسيين بإستمرار على طرق الإشراف الأكاديمي ومهارات الإتصال والتعامل لأن فاقد الشئ لا يعطيه وتكريم المتميزين منهم لتحفيزهم على العطاء والإستمرار وأخيراً فإننا نتمنى أن يتم إرسال وفود مستمرة بشكل أكبر من وزارة التعليم العالي إلى الملحقيات الثقافية والوقوف علي مشاكلها وأهم من ذلك إرسال الوفود إلى الجامعات لتعزيز العلاقات وإعطاء فرصة أكبر للطلاب لإيجاد قبولات أكاديمية بدلا من تضييع وقت الوفود في حفلات الاستقبال والتوديع عند قدومهم الي كندا كل هذه الخواطر والأسئلة والآمال تدور بأذهان المبتعثين الى كندا وبشكل يومي ويتمنون ان تحل في أسرع وقت ممكن حتى تستفيد المجموعات القادمة من هذا البرنامج الفريد أقصى إستفادة و تحقق الهدف الأسمى الذي أراده قائد المسيرة لبلادنا الحبيبة وعندها لن يتعثر القادمون ( الجادون) إلى كندا.. د. محمد عبدالله أبو عيش إستشاري طب الأطفال- كلية الطب-جامعة أم القرى رئيس نادي الطلبة السعوديين بمدينة فانكوفر سابقاً