في زمن تتسارع فيه الأحداث ويتغير نمط الحياة، بحيث من الممكن للشخص أن يكون على تواصل دائم مع العالم على مدار 24 ساعة، بغض النظر عن موقعه الجغرافي وزمنه المحلي، يبقى الوقت والدقة فيه سمه مهمة لألمانيا. وحيث يقول المثل الألماني: «الدقة بالمواعيد هو أدب الملوك»، وهذه الدقة سيلاحظها كل من يزور ألمانيا ومن يتعامل مع الألمان، فهي تنظم سير الطيران العالمي بمطاراتها، ومواصلاتها العامة من الحافلات والقطارات بدقة متناهية جدا. أخذ المواعيد لتناول وجبة العشاء بحجز مسبق، لزيارة صالون الحلاقة أو الطبيب، وكذلك لقدوم السباك لمنزلك للصيانة ينظمه مواعيد مجدولة، إن نمط الحياة هناك يستلزم جدولة الأعمال باليوم والساعة. زارتني في عيادة المستشفى الجامعي هناك مريضة مسنة، وبعد الانتهاء من الزيارة أردت تنسيق موعد لها للمراجعة، وإذ بها تخرج من حقيبتها دفتر الملاحظات المؤرخة للسنة وأخذت تقلب الصفحات لتجد اليوم المناسب الخالي من مواعيد مسبقة مجدولة بالساعة لتدون فيه موعد المراجعة القادم. إن انتهاك الشخص لهذه الدقة يثير ويزعج الألمان بشكل كبير جدا، وقد يؤدي إلى هدم الثقة والاحترام. ولذلك يجب أن تضع ذلك بالحسبان في الزيارات المنزلية ولقاءات الأصدقاء، حيث يسعى البعض دائما لتنظيم خمس دقائق قبل الموعد احتياطا، لكن من الجهة الأخرى إنه من غير الجيد والمزعج أيضا حضورك بوقت مبكر جدا كساعة قبل الموعد المحدد، فقد حددت المواعيد ليتم احترامها بالتحديد. في ألمانيا.. كن حذرا عند تعهدك بموعد ولا تلتزم به وانتبه من «خمس دقائق وأكون عندك!!»، فالخمس دقائق تعني بالفعل خمس دقائق. وللراحة أيضا نصيب من الوقت، فأيام العمل من الأسبوع ابتداء من الساعة العاشرة مساء هو وقت للراحة ويمنع العمل بأعمال تجلب الإزعاج، ويوم الأحد هو يوم للراحة لا ينبغي فيه أيضا عمل أعمال منزلية تجلب الإزعاج. تجربة الالتزام بدقة المواعيد وتنظيم الوقت في ألمانيا ثرية جدا.. ومن الجميل أن يعيش الشخص مبدأ «كتابا موقوتا»، ويرى أثره في الكفاءة والأداء والإنجاز. طبيب مبتعث تخصص الأمراض الجلدية جامعة ميونخ LMU