كيف بدأت وانتشرت داعش بهذه السرعة حتى صارت تهدد ثلاث دول في آن هي العراقوسوريا والأردن، وكيف تمددت «بوكو حرام» من نيجيريا لتطال هجماتها جيرانها في تشاد والنيجر وأفريقيا الوسطى، كيف تقدم الحوثيون في اليمن، من أين لهذه التنظيمات العتاد والمال ودول مقارها فقيرة سلاحا ومالا عدا إيران؟ على الضفة الأخرى كيف تعجز أمريكا، على رأس حلف دولي، من القضاء على داعش في العراق وهي التي استطاعت بمفردها احتلال العراق في ليلة وضحاها، وكيف عجزت فرنسا عن ضرب بوكو حرام وهي صاحبة الصولة في مالي وعمق أفريقيا، من الذي يسقط الأسلحة لداعش في صحراء العراق، ومن الذي يسلح بوكو حرام في مجاهل نيجيريا، والحوثيين في اليمن. هل هذه التنظيمات أدوات الفوضى الخلاقة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بزعامة (إسرائيل)، فما علاقة بوكو حرام بمنطقتنا ليطالها الدعم والتسليح، هل الهدف تشويه الإسلام أينما كان لتبرير ما يصنع ضد أهله؟ لا خرافة مؤامرة هنا، بل تخطيط كان يدبر بليل وصار يتم برابعة النهار، المؤامرة تفترض السرية والقوم أعلنوها نريد شرقا أوسطا خانعا. تذكرون بداية القصة، تفكيك الجيوش العربية نهاية القرن الماضي، ثم جاء دور خلخلة المجتمعات العربية ببث الطائفية والفتن بينها، على الهامش علا صوت الإسلاموفوبيا وزادت وتيرة تسعير الإعلام الغربي لها، مما أدى وسيؤدي لقتل المزيد من الأبرياء المسلمين في أمريكا وحرق المزيد من المراكز الإسلامية في أوروبا كما حدث قبل أيام، ما يفعله المدني الغربي يتناغم مع ما يفعله الرسمي الغربي، تذكرون مسيرة باريس، هي لا تمثل النفاق الغربي ولا ازدواج معاييره، كما تعودنا القول، هي سياسة معلنة ومنفذة. ولأننا فقدنا البوصلة وسط هذه الرياح العاتية، لابد من العثور عليها أولا، هل يبدو هذا مستحيلا؟ إطلاقا، شرط وجود الوعي به والإرادة لصده، يتحدثون عن محور إيراني أمريكي صهيوني في المنطقة، ليكن فربما وجد هؤلاء بوصلتهم، هل يمكن الحديث عن تحاور عربي تركي صيني؟ كل شيء جائز في عالم السياسة، حتى موقف روسيا في سوريا يمكن تغييره إذا رأت بوادر تغير التوجه. في ظل العداء المعلن والخفي للغرب، وقد جرب العرب طويلا كل السبل لتحييده، هل ستفيدهم تجاربهم فيه إذا ما اتجهوا شرقا.