ما يُلاحظ من صمت مجلس الأمن والجامعة العربية ومجلس التعاون وحتى شيوخ اليمن السنة والمثقفين والكتاب فما صدر من بعضهم لا يتواكب مع حجم الحد ث لماذا وكيف؟ .. يترك للحوثيين الحبل على الغارب وكيف ولماذا توجه الداخلية اليمنية وقيادات وزارة الدفاع أوامر لفروعهم بمحافظات اليمن بعدم التعرض لهم؟! كيف يحق لنا أن نقرأ نشوة إيران بما أسمته نصر اتباعها ، وهل ينسجم مع سياسة بقية القوى المؤثرة بالمنطقة ، ودول مجلس الأمن خاصة أميركا ، روسيا ، فرنسا، بريطانيا ، او أن ثمة تنسيقا مع تلك الدول مقابل ما يجري في العراقوسوريا -وهذا ما كتبتُ عنه بمقالين سابقين - فإيران ستكسب على الارض باليمن اذا استمر الحوثيون برتم تحركاتهم الحالية ، بينما الدول المشاركة بضرب داعش لن تكسب على الأرض شيئا .. وستدرك عواقب صمتها عما يجري باليمن .. أم أن المؤجل مما يدور خلف الكواليس ، ما ذا سيكون عليه الوضع في اليمن ، بعد الفراغ من داعش ، وفقا للخطة التي ليست سرية بأن تصفية داعش سيأخذ أكثر من ثلاثة اعوام ، ويعني هذا ستستمر الأحداث في اليمن لأعوام ثلاثة . من البديهي أن نظن أن ما يجري بالشام والعراق من حملة على ارهاب داعش له ارتباطا مع ما يجري باليمن بحرب على قاعدة اليمن وحزب الاصلاح الاخواني ؛ أم أن هنالك ضمانات من اميركا وروسياوفرنساوبريطانيا من ايران بعدم تمدد الحوثيين وافتعالهم لمشاكل مع الدول المجاورة لليمن أو للسيطرة عل باب المندب ، وتمسك الجانب الحوثي بالاتفاقية الموقعة مع السعودية بعد انتهاء مواجهتها لاعتداءات الحوثيين على حدود المملكة . وهل المقابل سلب إيران بعض نفوذها في سوريا ، وهذا يشير الى ما يجري من تسويق طهران خطة ايرانية عرضتها على الاتحاد الأوروبي لإنهاء الحرب في سوريا ، مؤداها أن ايران لم يعد يهمها بقاء بشار على رأس السلطة في سوريا ، بل أن تستفيد من الحملة الدولية على داعش خشية أن يتمدد خطرها عبر حدودها مع كردستان العراق . ولذلك قدمت أسلحة للأكراد لدعمهم في صد أي هجوم إلى داعش على كردستان العراق وأنه لو تم سيؤدي إلى تمدد داعش من الشمال الغربي نحو ايران ، أو عبر امكانية دخول داعش لبغداد ومنه الى الجنوبالعراقي ذو الغالبية الشيعية ومنه لحدود ايرانالجنوبية الغربية . لذلك لم تعد إيران في وارد الاستماتة ليبقى بشار ، لذلك جاءت توقيتا ببنود مقترحاتها بأن الحل الأمثل وفقا لما استجد من ظروف ، الى حكومة مشتركة من جميع الاطياف وبقاء بعض النفوذ الاسمي لها فقط ، شريطة ألا يتدخل الامريكان بتعاونها ودعمها لحزب الله مقابل أن تسحب مليشياتها الشيعية من سوريا . لكن هل من ضمانات من أن ينتقل ثقل ايران السياسي والعسكري إلى اليمن عبر حلفائها الحوثيين وتكسب السيطرة عبرهم على مضيق باب المندب كما تسيطر بالفعل على مضيق هرمز بالخليج العربي . واعتقد أن هنالك تبدلات بالأجندة السياسية لدول الخليج بأن من أولوياتها الآن ؛ انهاء خطر الحماعات الارهابية المرتبطة بالقاعدة ومن أهمها داعش وجبهة النصرة وسائر المنظمات الارهابية ومن ضمنها "الاخوان " ، فتاريخيا مؤسس " ماسمي لاحقا " القاعدة هو ؛ عبد الله عزام ، أحد اقطاب الاخوان المسلمين بالأردن ، والذي تم اغتياله كما رشح آنذاك على يد جناح بن لادن ، بعدها تم الاعلان عن تأسيس القاعدة بعد تصفية احمد شاه مسعود الرجل الأقوى حينذاك بشمال أفغانستان والذي كان يسمى " أسد بانشير " ،كما أن ايمن الظواهري الذي كان نائبا لابن لادن بقيادة " القاعدة " هو صاحب الفكرة بتأسيس القاعدة ومعروف انه اخواني هرب من سجنه في مصر . والمتابع لتاريخ الحركات المتأسلمة أنها استقت من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين فكرة تأسيس خلايا عسكرية سرية لتصفية خصومها ، والتي تخطط منذ 84 عاما للوصول إلى الحكم ليس في مصر فقط بل بسائر الدول العربية ، لذلك ما يقوم به الحوثيون بدعم علي صالح نحو التجمع اليمني للإصلاح " الاخواني " لتصفية وجودها كونها أحد الممولين كما يقال لإرهاب القاعدة في اليمن , فالاصلاح كما يقال استفاد من القاعدة في اليمن للاستقواء بها أمام نفوذ علي عبدالله صالح الذي لا يزال موجودا بالرغم من وجوده خارج الحكم ، فالجيش والأمن وكافة القيادات العسكرية تحت نفوذه عدا الأخ غير الشقيق لعلي صالح ، على محسن الأحمر ، ولذلك كان يعد محسوبا على الاصلاح واستطرادا على فكر جماعة الاخوان المسلمين. السؤال الكبير .. فيما لو تعاظمت حرب أهلية باليمن بين القاعدة والحوثيين ، والخشية أن تتحول الى حرب سنية – شيعية .. بالمقابل هل من خطوط حمراء وضعت أمام إيران لن يتم تجاوزها ؟ وهل يمكن لو نجح على صالح وفقا لما هو متوقع ؟ حسب ما يؤمله أن يؤدي الصدام بين القاعدة والحوثيين إلى اضعافهما ..ويظل هو اللاعب الأكبر والأوحد ؟ وهل بإمكان إيران أن تسلم بذلك ؟. من جانب آخر ، ومن غير الطبيعي أن تسمح إيران بانتكاسة لحلفائها الحوثيين في اليمن بعد أن انتشى مرشدها الأعلى عبر مستشاره علي أكبر ولاياتي بتهنئته بنصر الحوثيين وأن تاريخا جديدا سيكتب عودة ايران ألى اليمن كما كانت قبل الاسلام حيث كانت تُحكم من قبل "باذان" الفارسي الذي اعتنق الاسلام وبقي حاكما على اليمن الى أن تم انهاء حكمه ، و بعد وفاته الى نهاية الخلافة العباسية وقدوم المماليك ومن ثم الأتراك وجولات الصراع بين المكونات القبلية اليمنية قائمة . وعلينا ألا ننسى بأن ايران كانت ابرز أعضاء اللجنة الدولية أواخر الحرب الأهلية باليمن بين الملكين والجمهوريين ، وكانت بعهد الشاه النظام " الشرعي آنذاك " المتمثل بالامام " البدر ".ولا يغيب عنا مع استقلال اليمن الجبوبي واعلان الدولة المستقلة، أن طائرات حربية ايرانية كانت تجوب اجواب اليمن الجنوبي وتم تحذيرها من الدولة الوليدة إبان صراعها مع سلطنة عمان على إقليم ظفار الذي تم تسويته بمؤتمر مصالحة بالكويت ...لذلك لا يستبعد أن تدفع ايران بالحوثيين لاجتياح جنوب اليمن للوجود القوى للقاعدة فيه ؟؟ وما نتمناه ألا تكون داعش بالشام والعراق والحوثيون باليمن بصفة خاصة والاخوان في ليبيا وسوريا .. قطب الرحى لرسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، أم أن نجاح الشعب والجيش المصري وانتخاب السيسي رئيسا لمصر قد افسد الجزء الأكبر من الخطة ..وزيارته الأخيرة لأميركا وتهافت زعماء من الحزبين الديمرقاطي والجمهوري ، ورؤرساء سابقين للالتقاء به ولاستكشاف مالديه وسابقة اول رئيساميريك أن ارئيس اوباما هو من سعى للقائه . وما قامت به المملكة من تنسيق لمؤتمر جدة لمواجهة خطر الارهاب ممثلا بداعش وغيرها من المنظمات الارهابية ومن ضمنها الاخوان ، جعل الغرب وأميركا يعدل بوصلته بعد أن اكتشف أن " داعش" باتت تشكل خطرا عليها بعد ان قال الملك عبدالله ان خطر الارهاب من داعش وغيرها لن يستثني أميركا بل سيصلها ،.. وبفضل الجهود السعودية اذعنت أميركا والاتحاد الاوروبي مع انه يتردد ان اميركا ضالعة مع تركيا وقطر في تدجين داعش ،ثم للإجهاز عليها ، وأن مخطط الفوضى الخلاقة ارتد عليها . وما ستسفر عنه الأوضاع في الشام والعراق وليبيا واليمن سيحدد إما فشل الخطة نهائياً ..أو استمرار النزيف في الدم العربي ومعه نشوء أزمة اقتصادية جراء تبعات الانفاق على حروب عبثية نشأت من عقول مأفونة أرادت أن تصل لسدة الحكم بدول ما سمي الربيع العربي مقابل وعود أميركية لها بالمن والسلوى ، وسواء كانت تعلم او لا تعلم أنها تخدم في النهاية وجهة النظر الأميريكية بالابقاء على اسرائيل القوة الأكبر بالمنطقة ؟ واستنزاف طاقات المنطقة البشرية والمادية .. ومن المنطقي أن نبحث عن الأسباب التي أدت الى هذه الفوضى وما رافقها من دماء وتشريد واهدار طاقات بدول تحمست شعوبها للتغيير ، فبرز ارهاب متسلقين من الاخوان أشد مما كان وأهدوا أطماعا للمتربصين كإيران ومعها الدول الكبرى ، لكن الحق ليس على تلك الدول بل على من رفعوا راية الاسلام والاسلام منهم براء فيما هم ممعنون في الارهاب ، فاختلط الحابل بالنابل ..والحمدلله أن مصر الكنانة أجهضت كما اسلفت الجزء الأكبر من الخطر ، وبقيت اعمال تفجيرات تابعة لمنظمات ارهابية مثل انصار بيت المقدس وغيرها , من التي لها أيضا ارتباطات بالقاعدة وأخير ا سربت أنباء أنهم ينسقون مع داعش . وعن مصر تقلصت كثيرا قدرات الاخوان على الحشد الجماهيري واحداث اضطرابات يومية ، وخاصة بعد صلاة كل جمعة اختفت تقريبا ، لكن يطل بعض المحللين المصريين من كتاب وصحفيين وعسكريين وضباط أمن سابقين ، عبر الفضائيات ، عن هذه النجاحات فيهرفون صباح مساء من خلال متابعاتي لبرامج يستضافون فيها ، يقولون لم يعد هنالك خطر وقد تم كبح جماح الارهابيين امتآمرين مع القاعدة وبناتها ! . وبرأيي أنه بهكذا تحليلات من غير مسؤولين حاليين تبقى غير ذات مصداقية كونها صادرة عن ضباط ومسؤلين امنيين سابقين ، وكأنهم على اطلاع بدقائق الأمور الأمنية والعسكرية ، نعم لها جانب تطميني للمواطنين والمستثمرين والسياح , بيد أنهم افسدوا الى حد ما سياسة الرئيس السيسي ، وما حققه وفريق عمله بالداخلية والجيش . لكن بالمقابل من افرازاتها السلبية ،أحدثت نوعا من الاسترخاء واستفزت المجموعات الارهابية وخاصة المرتبطين بنظام الإخوان ليثبتوا وجودهم ، لذلك يجب تغيير الخطاب الاعلامي المصري وحصر الحديث في تقييم الأوضاع لمن هم بالميدان ، و كنت أتمنى على الرئيس السيسي بلقاءاته المتعددة بالاعلاميين أن يتم التنبيه على نبذ التفاؤل المفرط وكيل المديح . وبانتظار ما قرره أوباما بثلاثة أعوام ليتحقق النجاح بهزيمة الارهاب وعنوانه الرئيس " داعش" بيد أن ذلك سيرحل بجزء منه بعهد رئيس اميركي جديد .. وما سيكون عليه الوضع في العراق ، سوريا , ليبيا ، اليمن؛ بعد ثلاثة أعوام ، كان الله في عون دول الخليج وخاصة السعودية ومعها مصر على إكمال مسيرتهم لاعادة الأمور إلى نصابها .. ونسأل الله أن يخزي من فتح " أوكازيون التغيير" ومن وراءهم من فرس وأميركان .