المكرمة الملكية بصرف راتبين لكافة موظفي الدولة المدنيين والعسكرين والطلاب الذين يحصلون على مكافآت والمتقاعدين والمشمولين بالضمان الاجتماعي إنما هي تجسيد حي على أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ليس بعيدا عن احتياجات المواطنين وهمومهم اليومية، وأنه يتلمس مشاكلهم وقضاياهم بطرق مختلفة، والهدف الأسمى من هذه المكرمة هو رسم الابتسامة والفرح على المواطنين، ولا سيما أنه يدرك حجم معاناة تكاليف الحياة المعيشية. ولقد مثلت هذه المكرمة للعديد من الأسر (طوق نجاة)، لأنها جاءت في وقت يعاني فيه الكثير من المواطنين مشاكل وأعباء اقتصادية مختلفة، حيث ارتفعت الأسعار بشكل جنوني أدت إلى عجز الكثير من الأسر عن تلبية الاحتياجات اليومية لأبنائها، وأدى ذلك إلى ارتباك ميزانية الأسرة، ووضعت تلك الأسر من ذوي الدخل المحدود في موقف صعب، وتسببت في الكثير من الشكاوى، حتى صرنا نسمع أن هناك مشكلة حقيقية على أرض الواقع، تحتاج إلى وقفة. ومن يتابع ردود الفعل، من خلال التغطيات في وسائل الإعلام المحلية المختلفة، ويتأمل بين حديث ذوي الدخل المحدود، الذين شملتهم المكرمة سيدرك حجم الأثر النفسي الكبير الذي تركته في قلوب المواطنين، حيث رفعت الكثير من المعاناة، وخففت من آثار ارتفاع الأسعار. ومن المؤكد مكرمة القائد الغالي (حفظه الله) ستطلق روحا جديدة في البلاد، وستعمل على دعم الاستقرار الأسري والاجتماعي، وستعم مظاهر الفرح والسرور في أرجاء المملكة، وستجسد التلاحم الكبير بين القائد والشعب، وستعمل على إشاعة روح جديدة في العمل والإنتاج. ولا شك أن هذه المكرمة الملكية بما حملته من معان كبيرة قد وجهت رسالة مهمة إلى القطاع الخاص من البنوك والشركات بمختلف أنواعها من أجل الانخراط والتفاعل مع الأمر الملكي للقيام بمسؤولياتهم الاجتماعية والأخلاقية وصرف راتب شهرين لموظفيهم باعتبار أن ذلك توجها عاما تتبناه القيادة العليا. ولقد تفاعل مع هذه المكرمة الملكية بعض الشركات والبنوك في القطاع الخاص، وسارعوا بصرف راتبين لموظفيهم أسوة بالمكرمة الملكية، بينما لم تتجاوب الكثير من الشركات مع هذه المكرمة الملكية، علما بأن المستويات العالية من الأرباح التي تحققها هذه الشركات والبنوك لم تكن بسبب زيادة في كفاءتها فقط، بل يعود الفضل في المقام الأول إلى دعم الدولة لهذه الشركات والبنوك، وكذلك بجهود موظفيها، ومن ثم ارتفاع الطلب على منتجات وخدمات هذه الشركات والبنوك نتيجة التوسع السكاني، ونتيجة الطفرة الاقتصادية الكبرى التي تشهدها الدولة في أكثر من مضمار حاليا. وهكذا تستفيد الشركات من عوامل خارجية في تعظيم أرباحها والبلوغ بها إلى هذه المستويات القياسية من الأرباح من دون أن يكون للموظفين نصيب منها. لذا نأمل، أن يرتفع مستوى الوعي لدى الشركات والبنوك، وأن يدركوا مسؤولياتهم الاجتماعية والأخلاقية والقيام بدور حقيقي تجاه موظفيهم بصرف على الأقل راتب لهم، والذي سينعكس عليهم إيجابا في رفع الروح المعنوية لهم وزيادة إنتاجيتهم.