تستدعي الاعتداءات والجرائم المختلفة التي يتعرض لها المبتعثون في الخارج الجهات المعنية إلى فرض المزيد من الإجراءات وسن القوانين والأنظمة اللازمة لتوفير الحماية للطلاب وللحد من حالات الاعتداء عليهم من خلال توفير مواقع السكن المناسبة وتحذيرهم من المواقع المشبوهة أو تلك التي ترتفع فيها معدلات ونسبة الجرائم. ورغم أن مثل هذه الحالات تكاد تكون محدودوة نسبة إلى عدد المبتعثين ومرافقيهم والذي تجاوز 232 ألف مبتعث حول العالم، إلا أنها مؤثرة جدا وتلقي بظلال سلبية سيئة على الطلاب خلال مشوارهم الأكاديمي، ولعل جريمتي القتل الحديثة التي وقعت في ولاية كاليفورنيا الأمريكية والتي راح ضحيتها المبتعث منصور اليامي بعد أن أطلق عليه مجهولون النار قبل أسبوعين في محاولة لسرقته والمبتعث عبدالله القاضي لذات الأسباب، وسبق هاتان الجريمتان اختفاء المبتعث سلطان العنايشة في 2012م.. تؤكد ضرورة تحصين المبتعثين بشكل آمن بعيداً عن مواقع الجرائم لتفريغهم إلى التفوق التعليمي ونثر إبداعاتهم وابتكاراتهم العملية في المؤتمرات والفعاليات المختلفة. وفي هذا الإطار نصح أستاذ القيادة التربوية وعضو هيئة التدريس بجامعة طيبة الدكتور صلاح معمار الطلاب المقبلين على الابتعاث الخارجي باختيار المدينة الآمنة للسكن، مشدداً على ضرورة عدم تضحية المبتعث بعامل الأمان مقابل انخفاض قيمة إيجار السكن، ويجب على الطالب المقبل على الابتعاث أن يسأل من سبقوه في التجربة قبل السفر وأن يسأل الملحقية أو السفارة والجامعة نفسها عن مستوى الأمان وطبيعة الحياة في المدينة وأفضل مواقع السكن، بالإضافة إلى الاطلاع على التجارب والخبرات الكثيرة المطروحة عن تلك المدن في مواقع الإنترنت. ودعا المبتعثين إلى التواضع في المظهر الخارجي، حيث يتبين من العديد من جرائم القتل، أنها كانت تستهدف الضحايا بناء على مظاهرهم الخارجية التي تدل على الثراء، لذلك يتم تتبعهم ثم الاعتداء عليهم من قبل ضعاف النفوس، مطالباً إياهم بالتركيز على الدراسة والابتعاد عن المواقع المشبوهة وتجنب تكوين صداقات قوية فور الوصول إلى بلد الابتعاث وحصر دائرة الصداقات داخل مجال الدراسة والبيئة المحيطة بها. تجنب الأزقة من جانبه يصف رئيس النادي السعودي بمدينة يورك البريطانية سعد الزهراني الابتعاث بالفرصة الذهبية لتمثيل الدين والوطن خير تمثيل أمام المجتمع الآخر الذي سنعيش معه ونخالط أفراده سواء طلاب في الجامعات من مختلف الجنسيات أو سكان المدينة وأهل الجوار الذين ننعم معهم بالعيش الآمن هنا في إنجلترا. وأضاف، يجب على المبتعث أن يتجنب الخروج في أوقات متأخرة والسير في الأزقة الضيقة للابتعاد عن الاعتداء الذي قد تطال جميع المارة في هذه المواقع من مختلف الأديان أو الجنسيات. وتحدث طارق العفيف رئيس النادي السعودي بجامعة «وين ستيت» بمدينة ديترويت التي تعد أخطر مدن الولاياتالمتحدة عن أهمية عدم حمل مبالغ نقدية كبيرة ودفع فئات نقدية عالية أثناء الشراء، باعتبار أن هذا الأمر يعرض الشخص للتعقب ثم الاعتداء لا قدر الله. وحذر من ارتداء الساعات الثمينة وما يلفت النظر من مقتنيات ثمينة حتى لا يجذب المجرم لاستهدافه، مع التأكيد بالحذر من التجول في أوقات متأخرة من الليل والسكن في أحياء فقيرة ومعروف عنها انتشار الجريمة والمخدرات. لا للثقة رئيسة النادي السعودي في بوسطن المبتعثة ليلى أبو الجدايل نصحت المبتعثين بالحذر وعدم الثقة في الأشخاص الغرباء مع الابتعاد عن التعامل مع الجهات والمواقع الإلكترونية المشبوهة خصوصا في البيع والشراء. ولخصت عدداً من الممارسات السلبية التي تعرض المبتعثين للخطر، ومنها الخروج ليلا بمفردهم، ولبس الساعات والحقائب الفاخرة وحمل أكثر من جوال أو إبراز اي شيء يدل على الرفاهية في العيش. وقالت أبو الجدايل إن من دور النادي تقديم التوعية والمحاضرات التي توعي المبتعثين بالشؤون الأمنية وكذلك توعيتهم عبر التواصل الاجتماعي من المخاطر الأمنية أو الطقس وغيرها، وكذلك التواصل مع المبتعثين بشكل دائم. وأضافت بأن النادي بصدد إعلان موعد لتنظيم برنامج إرشادي متكامل للمبتعث يشمل الأنظمة الأمنية والتوعية والتقديم للجامعات بمشاركة وحضور وفد من الملحقية والقنصلية وعدة جهات من أجل دعم المبتعثين، كما أن الملحقية أثبتت دورا فعالا من خلال التوعية المتواصلة بتعاميم وتحذيرات عبر البريد الإلكتروني للطلبة ونسأل الله السلامة لجميع مبتعثي الوطن. خطأ شائع كما ذكر منصور خالد المبتعث لدراسة تقنية المعلومات بجامعة بول ستيت" الأمريكية أن الكثير من الطلاب المبتعثين والدارسين على حسابهم الخاص يذهبون للدراسة في جامعات توصي بها وزارة التعليم أو يضعون ضمن أولوياتهم البحث عن قبول في أي جامعات موصى بها ويسهل القبول بها أو مدنٍ تكلفة معيشتها متدنّية دون الاهتمام بمعرفة الوضع الأمني للمدينة التي سيقطنون بها وهذا خطأ شائع. وأضاف بأن الملحقيات الثقافية ووزارة التعليم لم تضع معايير خاصة بمستوى الأمان في المدن عند تحديدها لوجهات الابتعاث واكتفت بمستوى الجامعات أكاديميا، على الرغم من وصول مستوى الجريمة في بعض مدن الابتعاث مثل ديترويت وسانت لويس ونيوأورليانز وبالتيمور إلى معدلات قياسية وضعتها في قائمة أخطر مدن العالم وعلى درجات خطورة متساوية مع مدن عاشت صراعات وحروبا طاحنة مثل بغداد وكابول. الملحق الثقافي: لم نرفض نقل «اليامي» لمركز تأهيلي بكولورادو قدم الملحق الثقافي السعودي في واشنطن الدكتور محمد العيسى تعازيه ومواساته لأسرة المبتعث منصور اليامي الذي لقي مصرعه في كاليفورنيا مؤخرا. وقال: تعرض اليامي لإطلاق النار بدافع السرقة في 19 يناير الماضي خلال زيارته أحد أصدقائه في مدينة سانتا انا بولاية كاليفورنيا، وتم نقله في البداية لمستشفى جامعة كاليفورنيا بمدينة ارفين لتلقي العلاج اللازم، ثم تم تحويله إلى مركز تأهيلي في مدينة سان ديماس، مشيرا إلى أن شقيق الطالب المبتعث تواصل مع القنصلية السعودية في الولاية والتي بدورها كانت تزوره بشكل يومي لمتابعة حالته الصحية والوقوف على احتياجاته. ونفى صحة ما نشر في بعض وسائل الإعلام عن رفض الملحقية أو تأخرها في نقل المبتعث إلى مركز تأهيلي آخر في ولاية كولورادو وعدم توفير تكلفة الإخلاء الطبي بحسب تلك المزاعم، مؤكدا أن المركز التأهيلي الذي عولج به الطالب يصنف ضمن أفضل عشرة مراكز تأهيل صحي في الولاياتالمتحدة. وأوضح الدكتور العيسى أن الطبيب المعالج أوصى بنقل اليامي إلى مركز آخر لعدم قدرته على استخراج الرصاصة التي تمركزت شظاياها في مناطق خطرة في أحشائه، إلا أننا لم نتسلم ما يشير إلى أن المركز الموصى به في ولاية كولورادو يوفر العلاج المطلوب، مؤكدا أن شركة التأمين الطبي كانت ستنقل الطالب بالإخلاء الطبي فورا وبشكل عاجل في حال تسلمها تقريرا طبيا يوضح أن مركز التأهيل الطبي الآخر لديه علاج للحالة، لافتا إلى أن الملحقية لم ولن تتأخر عن دعم طلابها المبتعثين في مثل هذه الظروف. وأكد أن المحلقية تعمل بجهد لتثقيف المبتعثين وتوعيتهم من المخاطر التي قد تحيط بهم في مدن الابتعاث، من خلال التواصل بشكل دائم ومستمر معهم من خلال بث الرسائل الإلكترونية التوعوية والإرشادية والتحذيرية التي تتعلق بالأمان والسلامة وعبر موقعها الإلكتروني وحساباتها الرسمية في شبكات التواصل الاجتماعي. ونصح المبتعثين بعدم الخروج في أوقات متأخرة من الليل إلا للضرورة القصوى مع توخي الحذر، وخاصة في المدن التي بها معدلات جريمة مرتفعة، مع أهمية عدم زيارة الأماكن المشبوهة، بالإضافة إلى ضرورة الابتعاد عن السكن في أماكن وسط المدينة (Down Town) خاصة في المدن الكبيرة. وذكر أن الملحقية تنصح بالابتعاد عن الإقامة في بعض المدن التي تفاقمت بها الجريمة إلى معدلات مرتفعة وخطيرة مثل مدينة ديترويت بولاية ميتشغان، مؤكدا على عدم تردد الملحقية في نقل المبتعث من مثل هذه المدن في حال شعر بعدم الأمان.