بداية أشد على يد كل من يقول إن المدير أو رب العمل هو من يخلق الفرق بين إدارته أو مؤسسته وعمله، وبين عمل الآخرين، فالبعض يظن ويخطئ أنه لا أثر للعلاقات الإنسانية في العمل، ولا دور لها في الارتقاء بالعمل!! قد يكون ذلك لطبيعة البعض، أو لثقافة المجتمع الذي يحيا به هؤلاء. مصطلح «العلاقات الإنسانية» يشرح نفسه، فهو أن تكون علاقتنا واهتمامنا بالإنسان، هي العلاقة الأبرز والأهم. نتوجه للإنسان، نراعي كرامته، نتلمس احتياجاته، نقدر اهتمامه، نغوص في أعماقه، نفهم توجهاته، نزيد إيجابياته، نزيل ونحد من سلبياته، نشاركه همومه وطموحه وآماله وآلامه. متى ما عملنا هذا الأمر، زاد إنتاج الأفراد، وبالتالي ارتقى العمل. مهما عملت بطرق علمية مدروسة، ومهما ركزت على العمل فقط وعلى طريقة أدائه، وعلى المهام المطلوبة، والنتائج المرجوة. وعبر التاريخ تأتي الشواهد تباعا تؤكد بأن من يهتم بمرؤوسيه وبعلاقته بهم، فإنهم نظير ذلك لا يدخرون جهدا لوضع مؤسستهم في أعلى المراتب إكراما لمديرهم. ويقدمون أعظم جهدهم، وخلاصة فكرهم لمديرهم وعملهم، وذلك تقديرا لمديرهم ولعملهم، وحتى يبادلوا مديرهم الإحسان بالإحسان، حتى يثبتوا أن معاملتهم باحترام وبحب أتى بثماره بشكل واسع، وعلاوة على ذلك فإن حسن العلاقات بين البشر عامة، وبين المدير ومرؤوسيه خاصة توجه إسلامي عظيم، فالإسلام هو الذي وضع النواة لهذا الأمر، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فتعامله مع أنس بن مالك لا يخفى على أحد، وأيضا إشراكه للصحابة في اتخاذ مختلف القرارات معروف لدى الجميع؛ مما جعل الصحابة يشعرون بأن نشر الدعوة مسؤوليتهم، فنجاح أي مدير يكمن في مدى عنايته بمرؤوسيه، إن وجود علاقات قوية بين الموظفين يعد مؤشرا على أن العمل سينجح لا محالة بعد توفيق الله. من المهم أن يكون المدير محتضنا لمرؤوسيه ولموظفيه، ولا يغفل عن تشجيعهم، ويحاول أن يضبط أحدهم، وهو يؤدي عملا جيدا ليجدها فرصة ليثني عليه ويكافئه. لا كما هو سائد عند بعض المديرين، حيث يبحثون عن الأخطاء ويتصيدونها، ويغفلون عن النجاحات! وهم يردون ذلك إلى رغبتهم بتنقية العمل من الشوائب، والحرص على الكمال، ودفع العمل للأمام! ولو علم كل مسؤول بأن الثقة لا تعني عدم المتابعة! ولو علم كل مرؤوس بأن المتابعة لا تعني عدم الثقة، لوجد بينهم مساحة يستطيعون الإبداع من خلالها، وهذه المساحة لو ملئت حبا وحسن تعامل لكان الإتقان والإبداع والنجاح حليف الجميع. نادية عبده حمدي - معلمة تربوية