يخطئ البعض فيظن أنه لا أثر للعلاقات الإنسانية في العمل؛ ولا دور لها في الارتقاء بالعمل!! قد يكون ذلك لطبيعة البعض، أو لثقافة المجتمع الذي يحيا به هؤلاء. بدايةً أشد على يد كل من يقول بأن القائد أو رب العمل هو من يخلق الفرق بين وزارته ومؤسسته وعمله؛ وبين عمل الآخرين. ولكي نعرف الأثر الذي يحدثه اهتمامنا بالعلاقات الإنسانية في العمل ، يجب أن نعرف معنى " العلاقات الإنسانية " فهو مصطلح يشرح نفسه ؛ بمعنى أن تكون علاقتنا واهتمامنا بالإنسان ، هي العلاقة الأبرز والأهم . نتوجه للإنسان ، نراعي كرامته ، نتلمس احتياجاته ، نقدر اهتمامه ، نغوص في أعماقه ؛ نفهم توجهاته , نزيد إيجابياته , نزيل ونحد من سلبياته , نشاركه همومه وطموحه وآماله وآلامه. متى ما عملنا هذا الأمر , زاد إنتاج الأفراد ؛ وبالتالي ارتقى العمل . مهما عملت بطرق علمية مدروسة , ومهما ركزت على العمل فقط وعلى طريقة أدائه , وعلى المهام المطلوبة , والنتائج المرجوة. فإنك إن أغفلت من يقوم بتنفيذ العمل، فقد تأتي لحظة تشعر بأن جهدك ذهب هباءً منثورا !! وبأن تقدير الآخرين لك ولعملك ؛ ليس كما تتمنى وتريد !! بل إن عملك لم يتم كما تريد ويريد الآخرون. وعبر التاريخ تأتي الشواهد تباعاً تؤكد بأن من يهتم بمرؤوسيه وبعلاقته بهم، فإنهم نظير ذلك لا يدخرون جهداً لوضع وزارتهم ومؤسستهم في أعلى المراتب إكراما لقائدهم. ويقدمون أعظم جهدهم، وخلاصة فكرهم لمديرهم وعملهم، وذلك تقديراً لقائدهم ولعملهم؛ وحتى يبادلوا مديرهم وقائدهم الإحسان بالإحسان، حتى يثبتوا بأن معاملتهم باحترام وبحب أتى بثمارهِ بشكل واسع؛ وعلاوة على ذلك فإن حسن العلاقات بين البشر عامةً، وبين القائد ومرؤوسيه خاصة توجه إسلامي عظيم. فالإسلام هو الذي وضع النواة لهذا الأمر , ولنا في رسول الله أسوة حسنة , فتعامله مع أنس بن مالك لا يخفى على أحد , وأيضاً إشراكه للصحابة في اتخاذ مختلف القرارات معروف لدى الجميع ؛ مما جعل الصحابة يشعرون بأن نشر الدعوة مسؤوليتهم أيضاً. فنجاح أي قائد يكمن في مدى عنايته بمرؤوسيه. إن وجود علاقات قوية بين الموظفين يعد مؤشراً على أن العمل سينجح لا محالة بعد توفيق الله. من المهم أن يكون القائد محتضناً لمرؤوسيه ولموظفيه؛ ولا يغفل عن تشجيعهم، ويحاول أن يضبط أحدهم؛ وهو يؤدي عملا جيداً ليجدها فرصة ليثني عليه ويكافئه!! لا كما هو سائد عند بعض القادة؛ حيث يبحثون عن الأخطاء ويتصيدونها، ويغفلون عن النجاحات!!! وهم يردون ذلك إلى رغبتهم بتنقية العمل من الشوائب ؛ والحرص على الكمال , ودفع العمل للأمام !! ولو علم كل مسؤول بأن الثقة لا تعني عدم المتابعة! ولو علم كل مرؤوس بأن المتابعة لا تعني عدم الثقة، لوجد بينهم مساحة يستطيعون الإبداع من خلالها؛ وهذه المساحة لو ملئت حباً وحسن تعاملٍ لكان الإتقان والإبداع والنجاح حليف الجميع. * مدرب ومستشار تربوي وأسري