كنت في الخارج عندما نعى إلي الناعي خبر وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تغمده الله برحمته وواسع فضله، فانثنيت إلى الفضائيات الموجودة في تلفاز غرفة الفندق، من عربية وناطقة بالعربية من المحطات العالمية، فكان خبر وفاة الراحل الكبير مستحوذا على ما عداه من أخبار النشرات والتحليلات، وكان مما سمعته من تعليقات وآراء لسياسيين وإعلاميين ومثقفين ما يمكن تلخيصه في النقاط التالية: أولا: أن الراحل الكبير يعد من رجالات التاريخ المعاصر بما طبقه من سياسات حكيمة فيما يخص علاقة وطنه بالدول الأخرى من شقيقة وصديقة وحرصه على سيادة لغة الحوار السلمي بين أصحاب الحضارات بما يؤدي إلى دعم السلم والسلام في العالم، وأنه حقق لشعبه ووطنه إنجازات باهرة في مجال التعليم والابتعاث والإسكان ورعاية وتطوير المقدسات، وأنه استطاع كسب قلوب معظم أبناء الشعب السعودي. ثانيا: الانبهار بالانتقال المنظم السلس للسلطة والحكم دون ما ضجة أو مبالغات، مما يؤكد تماسك الأسرة الحاكمة والتفاف الناس حولها، وأن هذا النهج في انتقال الحكم بين أبناء الملك عبدالعزيز رحمه الله قد أدى إلى استقرار البلاد وشعور المواطنين والمقيمين فيها بالأمن والأمان. ثالثا: التأكيد على أن الملك الجديد خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز قد جاء إلى الحكم متدرعا بخمسة عقود من الخبرة الإدارية والسياسية والحنكة وسعة الاطلاع والثقافة، وأنه كان من صناع السياسة السعودية داخليا وخارجيا منذ أن كان أمير الرياض، وله موقع خاص داخل الأسرة الحاكمة أهله ليكون مرجعا في العديد من الأمور الخاصة والعامة، وكل هذه المؤهلات الفاخرة سيدته وأهلته ليصبح الحاكم الجديد للقارة السعودية، وأن ولي العهد الجديد مقرن بن عبدالعزيز يعد هو الآخر من أكثر الأمراء تأهيلا وتعليما، فهو طيار حربي متخرج من أرقى الكليات العسكرية الغربية ومجيد للغة الإنجليزية وخبراته الإدارية المتراكمة كأمير لعدد من المناطق وكرئيس للاستخبارات ومبعوث خاص للملك وولي لولي العهد في عهد الملك الراحل.. كل ما ذكر صنع منه رجل المرحلة في ولاية العهد سندا لأخيه الملك سلمان وفقه الله. رابعا: أن تولي الجيل الثاني من الأمراء ويقصد بهم أحفاد الملك عبدالعزيز لمناصب قيادية رفيعة المستوى؛ مثل إسناد منصب ولي ولي العهد لمحمد بن نايف وزير الداخلية، ووزارة الدفاع لمحمد بن سلمان، يعني أن دورا كبيرا ومسؤولية عظيمة بدأت تلقى على أكتاف الجيل الثاني، وأن (المحمدين) ما هما سوى نموذجين لهذا الجيل القادم نحو الحكم. خامسا: كانت التعليقات تتسم بالتفاؤل، وأن القيادة الجديدة التي تسلمت السلطة قادرة بإذن الله على إكمال المسيرة ومواصلة البناء والحفاظ على الأمن والاستقرار.