فجعت جامعة أم القرى، كما فجع الوطن كله، بل العالم الإسلامي والعربي والدولي، بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بعد عقد كامل من الحكم الرشيد، والعطاء المديد، الذي أثمر خيرا وبركة على الوطن، وامتد ليشمل أنحاء العالم كله. لقد كان الملك عبدالله رحمه الله رجلا استثنائيا. استثنائيا في بذله وعطائه. واستثنائيا في محبته لشعبه ومحبة شعبه له. واستثنائيا في إنسانيته. واستثنائيا في جرأته وصرامته وحزمه. واستثنائيا في ارتياده آفاقا جديدة وتبنيه لمشروعات رائدة. وكم هي (الأوليات) التي سبق إليها وأسسها في العديد من المجالات، ومن تتبع إنجازاته رحمه الله وجد عجبا.. فعلى المستوى الإداري، طور كثيرا من أنظمة الدولة، وهياكلها، وأنشأ العديد من الكيانات والمؤسسات التي أسهمت في تسريع عجلة التنمية في الوطن. وعلى المستوى المجتمعي، دشن مشاريع الحوار، وقارب بين الأطياف، وسعى لتشكيل نسيج موحد. وعلى المستوى الاقتصادي، أطلق المدن الاقتصادية، ودعم المشاريع، وفتح خزائن الدولة ليستفيد منها شعبه. وعلى المستوى الإسلامي الدعوي، اهتم بقضايا المسلمين، وزاد في توسعة الحرمين، واهتم بالمؤسسات الدعوية والخيرية والإغاثية. وعلى المستوى الدولي، ثبت مكانة المملكة ضمن (العشرين الكبار)، واستطاع أن يحصل أكثر من مرة على مراتب متقدمة ضمن أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم، كما تعامل مع كثير من الملفات المعقدة التي شهدها العقد الحالي. باختصار، كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله ملكا إنسانا.. أخذ من الملك حزمه وصرامته وحسن إدارته. ومن الإنسانية: رقتها وعطفها وحنوها. فكان بذلك مزيجا فريدا.. أحبه لأجله الناس.. فرحمه الله رحمة واسعة، وعظم أجرنا وأجر السعوديين جميعا فيه. وإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ونسأل الله للملك سلمان بن عبدالعزيز التوفيق والسداد والعون ونحن له يد وعضد وساعد.