إن وقع وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيزآل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، كان مؤلماً بدرجة كبيرة، إنني منذ فجعت بوفاة أميرنا المحبوب لازمني الحزن الذي لازلت أسيره وها أنذا أسطر بمداد الحزن شيئاً من كوامن الوجدان، ولست أدري كيف حملت قلمي العاجز عبئاً أكبر من حجمه، وأعظم من قدره، أي قلم هذا الذي يريد أن يجلي شيئاً من عظمة هذا الأمير المحسن الكريم {سلطان الخير} أي قلم يجرؤ على إظهار محاسن أمير تحلى بأبهة الفضل وحسن الخلق والابتسامة الدائمة مع حزمه وصرامته في المواقف المتطلبة للصرامة والحزم، فعظمة المبدأ وسمو الهدف ملازمة له. لقد كان مع إخوانه الملوك السابقين ملازماً لهم وعضداً في كل الشؤون والمسؤوليات، فهو حافظ أسرار الدولة والمؤثر الكبير في سياستها، كان يبذل ويقدم لهذا الوطن ما وسعه البذل، وكان له في كل ما تقلد من مناصب رؤيته الواضحة وآثاره الجلية، تؤكد ما هو متمتع به -رحمه الله- من حنكة وقيادة وحسن إدارة ومتابعة. حدثت بأهل الأرض ثلمة واسعة وفتحت ثغرة عميقة، يدرك المتأمل غورها، بفقد قائد وسياسي عظيم محنك على مستوى العالم إذ يعرفون أنه صاحب التوازن العجيب في فهم القضايا واستيعابها، وإعطاء الحلول لها، سواءً القضايا الكبرى، أو ماكان دونها، يتصدر ذلك مواقفه العظيمة الداعمة لمصالح المسلمين والأمة المسلمة. قليل من الناس من يعرف أنه كان يستغرق وقتاً من كل يوم لمتابعة أحوال المحتاجين، كعلاج مرض مستعص أو دفع دية أو رفع حمالةٍ أو كفالة أيتام ونحو ذلك (إنه حالة فريدة) فكم من سجلٍ مشرفٍ في البذل والعطاء وكم يستحق -رحمه الله- من كل محب ومنصف تسجيل المحاسن والثناء. إن (سلطان الخير) سباق لفعل كثير من الخيرات، بناء المجامع الإسلامية، المساجد، دور العلم، نشر الثقافة، إغاثة الملهوف، علاج المرضى، دعم المشاريع الدعوية والجمعيات الخيرية وتفريج الكربات وقضاء الحاجات، إنه كان راعيا للأرامل والأيتام، وكثيرا من أفعال الإحسان والمعروف وغيرها مما لا تستطيع الأقلام تسجيلها وحصرها. لقد أجمع الناس على محبة الأمير سلطان بن عبدالعزيز وإن اختلفوا حول أسباب تلك المحبة الغامرة له. فمنهم من أحبه لقربه الشديد من العلماء وصلته بهم ومحبته ودعمه لهم، ومنهم من أحبه لإحسانه، ومنهم من أحبه للطافته وابتسامته، ومنهم من أحبه لحمله المسؤوليات الجسام من عسكرية ومدنية، ومنهم من أحبه من أجل كل تلك الصفات. لكنهم أجمعوا على محبته، وأنا ممن أحبه، وكنت أحبه في صفاته ما حواها الطرس وما لم تسطر فيه. رحل -رحمه الله- تاركاً خلفه إرثاً كبيراً من العمل الخيري وكأنه الجبال وأولاد صالحين تتلمذوا في مدرسته العظمى فأصبحوا النجباء البواسل إذ كان منهجه منهج خير عظيم في شتى المجالات. وإني إذ أعزي المسلمين عامة، وأخص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأصحاب السمو الأمراء والأميرات حفظهم الله، وأسأل الله أن يمن على الجميع بالصبر والسلوان، وداعياً الله العلي القدير أن يمنح ويمن على صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان وعموم أبناء وبنات وزوجات الفقيد القائد الغالي بجميل الصبر والسلوان وأدعو الله أكرم الأكرمين أن يثبتهم ويرزقهم الاحتساب. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ . أسأل الله أن يرحمه برحمته ويسكنه فسيح جنته. والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله وسلم على نبي الهدى محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه. عبد المحسن بن أحمد بن عبد الله بن باز