نسينا حوادث السيارات في الطرق السريعة بين المدن، هنا طرق صناعية، وهنا شوارع مترهلة، نسينا الأرواح التي ذهبت لباريها بسبب تسليم المشاريع لمناقصات متعثرة إن لم تكن مسروقة. نسينا مخرجات التعليم، هنا عاطلون وهنا يائسون، والكثير من الباحثين عن فرصة عمل، نسينا أن نذكر المعلمين بالإخلاص في عملهم بدلاً من تصوير الطلاب في أسوأ أوضاعهم فهم أمانة بين أيديكم. نسينا جرائم المتشددين، وترهيب وتخويف المجتمع بأفكار مظللة، المطاردات والشك والاعتقادات الوهمية. نسينا المعلمات في المناطق النائية، وتكبدهم لعناء الطرق كل يوم، نسينا تقديمهم على الوزارة لنقلهم بالقرب من ذويهم، لكن تغيير مسؤولي الجهاز يعني تجدد الصفحات ورمي قديم الأوراق والطلبات. نسينا أن نعاقب المتسببين بغرق جدة وحوادث الرياض، وسقوط الجسور، نسينا الأطفال المفقودين في فتحات المجاري وفي الحفر التي سببها ضعف المراقبة وإهمال المتابعين. بالنسبة لهم، فقد نسوا أصوات البكاء وصرخات الألم، تعودوا على شكاوى المجتمع ونسوا الندم.. باعوا ضمائرهم بأثمان رخيصة يرونها أغلى من أرواح المتألمين. بالنسبة لهم، العمل مجرد تعبئة أوراق وتغيير أقلام والكثير من التواقيع، والسخط على تأخر الراتب يوما أو يومين. فالخوف على العمل والإخلاص فيه أمر متعب ومرهق لا يستحق العناء من أجله. في نهاية المطاف، سنصبح جميعاً في غياهب النسيان، لن يتذكرنا أحد ولن نتذكر أحد، صمت عظيم، تذهب مجموعة وتأتي أخرى مشابهة.