تسعة قتلى وعشرون جريحا.. هي حصيلة العملية الانتحارية المزدوجة في جبل محسن بمدينة طرابلس. أعداد القتلى والجرحى ورغم هول المصيبة إلا أنه يبدو أمرا عاديا في سياق الأعمال الإرهابية والإجرامية ليس في لبنان وحسب بل في العالم ككل. أما ما يجب التوقف عنده من خلال هذا الحدث الإرهابي هو أمران: الأول نوع العملية من حيث هي مزدوجة وانتحارية والثاني مكان الاعتداء والمقصود هنا جبل محسن. من حيث نوع العملية، فإن هذا التفجير يعتبر الأول من نوعه في لبنان حيث سبق للمجموعات المتطرفة الإرهابية أن استعملت العمليات الانتحارية في عدة مواقع إلا أن العمليات المزدوجة هي الأولى من نوعها في لبنان وهي العمليات التي يقصد منها إيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا بين المدنيين أو المجموعة البشرية المستهدفة. أما من حيث المكان فإن المجموعات الإرهابية وبعملية جبل محسن تكون قد انتقلت باستهدافاتها من المدن والقرى التي يسيطر عليها حزب الله بالكامل إلى المدن والقرى المتحالفة مع الحزب والبعيدة عن سيطرته الأمنية أي استهداف أطراف الحزب لا عمقه. العملية الإرهابية في جبل محسن وبناء على ما سبق تؤسس لمرحلة جديدة في الحرب ما بين لبنان والإرهاب، مرحلة تؤشر على أن المجموعات الإرهابية مهما اختلفت تسمياتها قد أعلنتها حربا مفتوحة على لبنان وأن كل الشوارع والأماكن والتجمعات باتت هدفا وأن الإجراءات الأمنية التي وضعت حول الضاحية الجنوبية لبيروت باتت غير معنى طالما أن المستهدف ليس الضاحية وحسب بل بيروت كلها ومعها كل لبنان. إن الإرهاب في هذه المواجهة المفتوحة يستفيد من عدة عوامل أولها تورط حزب الله في الدماء السورية وآخرها تورط اللبنانيين كقيادات سياسية بتكريس الفراغ الرئاسي وبالتالي فإن الإرهاب يجد من لبنان ساحة للصراع فيها التبرير لما يقترف وفيها أيضا الفوضى المسهلة لكل أعماله. الرد على الإرهاب في مرحلته الجديدة التي ظهرت في جبل محسن لا يكون بحواجز أمنية جديدة وهي مطلوبة ولا يكون باقتحامات لأوكار الإرهاب وحسب وهي مطلوبة بل يكون بالذهاب جميعا إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية كي نقول للإرهاب ومن يقف خلفه إن لبنان دولة واحدة بمؤسساته جميعها ستحاربكم وتهزمكم ولا نكون قبائل وفرق نخوض معارك عشوائية في حرب العدو فيها متوحد ونحن منقسمون.