المشهد ذاته، الضحايا هم أنفسهم الشعب اللبناني، المنفذ «الارهاب»، والهدف «لبنان»، والتوقيت «عند تلقي الاشارة»، تلك العناصر أصبحت ثابتة في قاموس الاجرام الذي بات يلف لبنان من كل اتجاه، وبالأمس كان الموعد مع الضاحية الجنوبية لبيروت مجدداً التي ما لبثت أن لملمت جراح «انفجار بئر العبد» الذي وقع منذ 40 يوماً، حتى عادت يد الغدر لتضرب الضاحية منطقة الرويس لتخلف 24 قتيلاً، 336 جريحاً و7 مفقودين، تاركة في نفوس اللبنانيين المزيد من مشاعر الحزن والقلق والذعر والخوف، فأمن المناطق اللبنانية باختلاف ألوانها الطائفية والمذهبية، أصبح أكثر عرضة لعمليات تفجيرية ارهابية تحصل هنا أو هناك، يدفع فيها المواطن اللبناني البريء فاتورتها الدموية من حياته ولقمة عيشه وأمنه واستقراره. السؤال الآن هو: «ماذا بعد بانفجار الضاحية؟ وما هي الرسالة الثالثة؟، وماذا عن أمن مناطق «حزب الله»؟، وأي فاتورة دموية سيتكبدها الشعب اللبناني نتيجة لمغامرات الحزب في سوريا وتنفيذه لأجندة ولاية الفقيه»؟ مسرح لبنان وكشفت مصادر مطلعة ل»اليوم» أن «لبنان أصبح مسرحاً لعمليات تفجيرية لن تنتهي الا بمعرفة مصير سوريا، وستنحصر هذه الجرائم في مناطق نفوذ «حزب الله» الذي لم يتعظ من رسالة التهديد الاولى عبر انفجار بئر العبد واستمر بقتل الشعب السوري الى جانب النظام السوري»، موضحة أن «للحزب أعداء كثرا في الخارج ولن يترددوا في ايذائه وان لم يتراجع عن دعمه للنظام السوري فأبواب جهنم ستفتح عليه». وأكد المحلل السياسي نبيل بو منصف ل»اليوم»، ان «انفجار الرويس هو رسالة الى «حزب الله» بالدرجة الأولى وأكد نصرالله في خطابه الأخير هذا الاستهداف باتهامه الجماعات التفكيرية، الا ان الرسالة أتت من خلال جمهور الضاحية»، معرباً عن أسفه لأن «الارهاب العشوائي يضرب بشكل مركز ولكنه يستهدف الأبرياء، وهذا أكثر ما يخيف لبنان»، مذكراً ب»التجارب السابقة أيام الحرب والسلم حيث عانى لبنان من العديد من أنواع الارهاب الذي يبدأ ولا ينتهي، وتفجير الضاحية يدل الى مستوى الانزلاق نحو حالات العرقنة والثورنة التي تضرب بالمنطقة». ولفت الى ان «الاستهداف يطال «حزب الله»، الا ان العنوان الاوسع هو انزلاق لبنان نحو الارهاب الفظيع». ورأى بو منصف ان «هذا النوع من الارهاب مشتق من هذا النوع من الاصوليات، فهي تملك أدوات خطيرة جداً وتستطيع أن تصل الى أي مكان، وما حصل في الضاحية يدل على انه «لا يوجد خيمة فوق حدا»، حتى إن أمن «حزب الله» الحديدي استطاعت هذه الجهات خرقه». وقال: «اذا ثبت أن من قام بالتفجير هو انتحاري فهذا أسوأ بكثير من السيارة المفخخة، لأن الانتحاي يستطيع أن يخرق أي مكان، وهذا تطور خطير مع العلم أن التحقيق لم يثبت حتى الآن نظرية الانتحاري، لكن كل المعطيات ترجح هذه الفرضية بحسب شهود عيان». ورأى في رد نصرالله على تفجير الضاحية بنبرة عالية «امر متوقع، خصوصاً بعد سقوط الكم الهائل من القتلى والجرحى»، مشدداً على ان «كلامه عن زيادة اعداد المجاهدين ل»حزب الله» في سوريا سيزيد من تورطه واغراق لبنان بالمزيد من الاخطار والمواقف في وقت ان لبنان يحتاج الى شبكة أمان سياسية وأمنية». قال: «ما يقوم به «حزب الله» اليوم شبيه تماماً بما قام به الاميركيون في العراق على قاعدة محاولة السيطرة على لبنان يضربون كل منطق المؤسسات، فلبنان اليوم بلا حكومة، تقريباً بلا مجلس نواب، عندما عطلوا الانتخابات النيابية وهم يسعون الآن الى الوصول الى الانتخابات الرئاسية بدون رئيس الجمهورية، فمنطقهم إما نسيطر على البلد من خلال إلغاء المؤسسات وإما حالة الفضوى» التراجع عن المغامرات ورأى الكاتب والصحافي يوسف دياب ، ان «الانفجار هو أحد الأثمان التي بدفعها «حزب الله» نتيجة انخراطه في الأزمة السورية، وهو حلقة في سلسلة طويلة معروف أين بدأت ولكن من الصعب معرفة أين ستنتهي؟!»، معرباً عن اعتقاده بأنه «لم يعد باستطاعة الحزب التراجع عن خياراته ومغامراته في سوريا، لكن في نفس الوقت، هو يعرف أن مواجهته مع الجماعات المتطرفة التي اختارت مقارعته بالسيارات المفخخة والعمليات الإرهابية ستكون طويلة». وقال: «لاشك أن التصعيد في خطاب نصرالله كان متوقعاً، وليس أمامه إلا أن يلجأ الى مزيد من التعبئة عند جمهوره ومحازبيه لكن هذا التصعيد سيقابل بنقمة أكبر من قبل المجموعات التي اختارت أن تنقل الصراع مع الحزب الى عقر داره والى مربعاته الأمنية، تماماً كما آثر «حزب الله» أن يحاربها على الأرض السورية، هذه اللعبة من المؤسف أن أثمانها لم تقتصر على الحزب، كتنظيم عسكري إنما كلفتها وأضرارها تطال كل اللبنانيين، سواء البيئة الحاضنة ل»حزب الله» في الضاحية وغيرها وهم لبنانيون أصلاً أم باقي الشرائح الأخرى». وختم: «في المحصلة أعتقد أن هذه المغامرة فتحت على لبنان أبواب الجحيم، وأدخلت هذا البلد الصغير في مأزق كان يمكن تجنبه لو تغلبت لغة العقل على لغة الجنون التي تسود هذه المرحلة». نصرالله يورط لبنان وشدد عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار والمحلل السياسي نوفل ضو، على ان «الانفجار هو جزء من عملية ضرب الاستقرار في لبنان، المسؤوليات بمعزل عن الفعل وردات الفعل تقع على «حزب الله»، مشبهاً ما يجري اليوم في لبنان على يد «حزب الله» «بما سبق أن جرى في العراق على يد القوات الأميركية، فلقد ارتكب الامريكيون خطأً استراتجياً بحل مؤسسات الدولة العراقية بعدما دخلوا الى العراق لإسقاط صدام حسين، وقد نتج عن ذلك حالة من الفوضى العارمة أدت الى دخول العراق في الحالة التي يعيشها اليوم من الاضطرابات وعمليات التفجيرات التي تستهدف منطق الدولة والشعب العراقي». وقال: «ما يقوم به «حزب الله» اليوم شبيه تماماً ما بما قام به الاميركيون في العراق على قاعدة محاولة السيطرة على لبنان يضربون كل منطق المؤسسات، فلبنان اليوم بلا حكومة، تقريباً بلا مجلس نواب، عندما عطلوا الانتخابات النيابية وهم يسعون الآن الى الوصول الى الانتخابات الرئاسية بدون رئيس الجمهورية، فمنطقهم إما نسيطر على البلد من خلال إلغاء المؤسسات وإما حالة الفضوى»، معتبراً ان «حالة الفوضى التي اعتقدوا («حزب الله») كما اعتقد الامركيون انهم بالفراغ يسيطرون على العراق، اليوم حسن نصرالله يعتقد انه بالفراغ يسيطر على لبنان، فلقد اصطدم الأميركيون بحالة من الفوضى اضطرتهم إلى الخروج من العراق بعدما دفعوا ثمناً باهظاً واليوم «حزب الله» سيواجه المنطق ذاته». ورأى ان «الحل الوحيد لما يجري في لبنان بمعزل عن تحميل المسؤوليات هو العودة الى منطق الدولة واستدراك الموضوع بأسرع وقت ممكن ومليء الفراغ في مؤسسات الدولة، لكي لا نسمح ان يتحول لبنان الى عراق جديد من خلال السماح لهذه المنظمات المتطرفة من هذا الجانب او ذاك من الامساك بالوضع اللبناني». واوضح ان «المشكلة ان نصرالله يورط لبنان ويساهم في توريط المنطقة»، مشدداً على ان «المطلوب بهذه المرحلة هو الاتعاظ، يعني ان نصرالله ليس أقوى من الولاياتالمتحدة الاميركية التي دفعت ما دفعته في العراق، لذا على الجميع الاستفادة من اخطاء غيرنا». نصرالله: ماضون ! وكان نصرالله، قد رد على انفجار الرويس، خلال احياء ذكرى حرب 2006، معلناً انه «إذا احتاجت المعركة مع التكفيريين أن أذهب بنفسي للقتال في سوريا فسأذهب من أجل شعبها وشعب لبنان أيضاً»، مؤكداً «اننا ماضون في معركتنا مع التكفيريين وإن كانت المعركة مكلفة». ورد على منفذي تفجير الرويس، قائلاً: «إذا كان لدينا 100 مقاتل في سوريا سيصبحون 200».