في وقت ارتفعت فيه أسهم التفاؤل في لبنان بتشكيل الحكومة، والعمل الفعلي على تطبيق سياسة النأي بالنفس التي أطلقها رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان ضد ما يحدث في سورية، يأتي تفجير جديد ليضرب عقر دار حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية، معيداً معه طرح أسئلة عن ضريبة تورطه العسكري في سورية. ومع أن الضاحية الجنوبية تقع أمنياً تحت سيطرة حزب الله، إلا أن استهدافها أكثر من مرة بعمليات انتحارية دفع بعض المحللين إلى القول إن ذلك يدل على هشاشة ما يعرف بأمن حزب الله الذاتي، وهنا يقول المحلل السياسي راجح الخوري "لا تستطيع أي قوة في العالم مواجهة الإرهاب. وحتى الولاياتالمتحدة لم تمنع وقوع مثل هذه العمليات عندما كان جنودها في العراق". وأضاف أن ما حصل في الضاحية هو "حلقة من مسلسل بدأ منذ فترة، منذ تورط حزب الله المتزايد في الأزمة السورية، حيث ارتفعت وتيرة العمليات الانتحارية المستنكرة والإرهابية، التي تؤذي لبنان وكل اللبنانيين، لأنها لا تستهدف حزب الله بالذات بل الجميع". ويرجع الخوري أسباب هذه التفجيرات إلى تطور الوضع الميداني في سورية، خصوصا بعد احتضان النظام السوري للمنظمات الإرهابية وإطلاق عناصرها من السجون، إضافة إلى ما وصفه الخوري ب"تغاضي واشنطن وتورط موسكو في إدارة الأزمة السورية"! وهو ما جعل من سورية حسب الخوري "بؤرة عالمية للإرهاب والمنظمات التكفيرية". وأضاف "كان من الطبيعي أن تنتقل النار السورية إلى الأراضي اللبنانية، بعد دخول حزب الله المنظم والكبير إلى هناك. واتضح في وقت لاحق أن هذه الجرائم كانت ردوداً على تورط الحزب المذهبي". وكان لافتا قصف الطيران السوري لبلدة عكار اللبنانية على الحدود اللبنانية – السورية، وتحليق الطيران الإسرائيلي بشكل منخفض في الأجواء اللبنانية بالتزامن مع وقوع التفجير في ضاحية بيروت الجنوبية! وهذا ما يأسف عليه الخوري قائلاً "من المؤسف زج لبنان في أتون الأزمة السورية. ولا يجوز استمرار الوضع على هذه الصورة". واتهم الخوري دمشق بالسعي لإشعال لبنان من خلال الأعمال الإرهابية لصرف النظر عما يجري في سورية، وقال "هناك رغبة واضحة لدى نظام الأسد في زيادة التوتر لإشعال الوضع الأمني في لبنان. وتدميره ومنع تشكيل الحكومة، وإيجاد حالة فراغ دستوري، مما سيؤدي إلى فوضى أمنية تخدم أهدافه".