بعدما كان الجميع يتحدث عن «لبلنة العراق» بات الجميع وهم يرون الجثث المتناثرة أمام مبنى السفارة الإيرانية في بيروت يتحدثون عن «عرقنة لبنان»، إنه كأس الإرهاب يتجرعه لبنان مجدداً في قصة دفع فواتير الآخرين وحروبهم ومغامراتهم. .. ما يخيف ويبعث القلق في العمل الإرهابي الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت أنه بداية كان تفجيرا مزدوجاً بحيث توجه الانتحاري المفترض إلى باب السفارة ففجر نفسه ليمهد الطريق للانتحاري الثاني القادم بالعبوة الكبيرة. إنه استنساخ للنموذج العراقي بكل دقة. فيما الأمر الثاني الواجب التوقف عنده في العمل الإرهابي أنه استهدف بقعة جغرافية تعتبر من أكثر المربعات الأمنية الآمنة بالنسبة لحزب الله في لبنان عامة وفي الضاحية الجنوبية لبيروت بخاصة وهذا يعني أن الإرهاب قادر على الذهاب بعيدا ومواجهته بالإجراءات الأمنية الحزبية هي مواجهة خاسرة. عمل مدان بكل مواقع الرؤى والتحليلات فالضحايا بأغلبيتهم من المدنيين الأبرياء، لكن السؤال الواجب طرحه هو إلى أين؟! مما لا شك فيه أن مرحلة أمنية صعبة يدخل فيها لبنان، مرحلة قد تشكل انعطافة كبيرة في المسار السياسي والأمني إما نحو التدهور إلى حيث يفقد الجميع زمام المبادرة أو إلى التعقل عبر العودة إلى لغة العقل والحكمة. الكل كان ينتظر أصوات الانفجارات في قرى القلمون السورية فإذا بها تهز بيروت وضاحيتها الجنوبية في تأكيد للمؤكد أن التورط في القتال في سورية هو استدعاء للنيران السورية إلى الداخل اللبناني. انفجار السفارة الإيرانية في بيروت يضع الجميع وتحديدا حزب الله أمام استحقاق تاريخي أنه خيار بين أمرين لا ثالث لهما، الأول الاستمرار بالتورط في قتل الشعب السوري وهذا يعني استجلاب الإرهاب إلى لبنان أو التزام روح الوفاق عبر إعلان بعبدا والانسحاب الفوري من سورية وهذا يعني النجاة بلبنان وباستقراره وأمنه. الإرهاب جريمة كبرى فرؤية جثث الأبرياء على أرصفة الطرقات تهز ضمائر الجميع وتفتح الباب على مصراعيه من أجل مراجعة شاملة لاتخاذ قرار ينتصر لهذه الدماء التي سقطت ويحمي الدماء التي لم تهرق بعد.