تباينت آراء نقاد وروائيين وأكاديميين حول خلو قائمة البوكر الطويلة من الروايات السعودية، ففي حين وصف البعض الرواية بالتراجع وانتهاء زمن الطفرة، رأى البعض أن الأمر ليس مستغربا ولا يستحق أن يكون موضع سؤال، كون التنوع جغرافيا سمة من سمات «البوكر»، والاعتبارات الخاصة باللجنة لا تتطابق مع ما في أذهان الروائيين والنقاد المتابعين. ويرى الناقد الأكاديمي الدكتور صالح زياد، أن خلو قائمة البوكر من الرواية السعودية لا يحمل دلالة قيمة على هبوط مستوى الروايات الصادرة في هذا العام، مؤكدا أن اشتمال القائمة على بعض الروايات في أعوام مضت ليس دلالة على ارتفاع مستوى الروايات الصادرة في تلك الأعوام، إذ من الصعوبة بمكان أن نستنتج معايير دقيقة للبوكر في تمييز الجيد من الأجود. فيما عزا الناقد والروائي الدكتور معجب الزهراني ذلك، إلى وباء التشدد ومظاهر العنف الكثير من التراجع على مستوى الطاقات الخلاقة ذهنيا وإبداعيا، كون الأحداث تستنفد قدرات الفنان والمبدع لأنه إنسان يتأثر بما حوله، لافتا إلى أن ما حدث كان متوقعا كون الإنتاج الروائي والجمالي عموما لا يخضع لبرنامج قابل للنمو والمضطرد أو التصاعدي بقدر ما هو سيرورة عميقة متنوعة الأبعاد والدلالات وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتنبأ بمستقبله القريب أو البعيد، مشيرا إلى أن هناك ظاهرة لفتت الأنظار، إذ فازت روايتان سعوديتان في عامين متتالين رواية الروائي عبده خال (ترمي بشرر) ورواية الروائية رجاء عالم (طوق الحمام) ودخلت رواية (القندس) لمحمد حسن علوان القائمة القصيرة العام الماضي. وأوضح الروائي أحمد الدويحي، أن الرواية المحلية أحدثت حضورا مميز وفازت بالجائزة لدورتين ماضيتين، مضيفا: «أعتقد أن سياسة الجائزة لها خلفيات لا ترضخ للشرط الإبداعي وحده، فالجائزة بطبيعة الحال لن يتكرر إعطاؤها لقطر عربي في مرتين متتاليتين، وبطبيعة الحال هناك بلدان عربية عريقة في إنتاج الجنس الروائي كمصر، نجدها خارج قائمة البوكر». أما القاص عبدالسلام الحميد، فيرى أن المسألة لها علاقة بضعف دور النشر كونها لا تهتم بتسويق المنتج الروائي السعودي، وتنظر إليه على أنه مجرد غنيمة مالية، والجانب الآخر يتحمله كتابنا أنفسهم بعدم تواصلهم مع العالم من حولهم، مضيفا بقوله: «مع أنني غير متابع بشكل كبير للروايات السعودية، لكن أقول إننا بحاجة للمزيد من الكتابات، فالخبرة والإتقان هو نتاج تراكم التجارب والمنجزات، والزمن وحده هو الكفيل بفرز الرديء من الجيد». وقال الروائي عمرو العامري: لا أمتلك إجابة محددة، هل هو سبب إبداعي أو فني أم أن الموضوع مرتبط بآلية وطريقة الترشيح كونه لا يعرف آلية الترشح لهذه الجوائز؟، هل هي مبادرات فردية من كتاب الرواية أنفسهم، أم من دور النشر التي تصدر مثل هذه الروايات هي المرشحة، أم أنها جهات ثقافية هي من يقوم بهذا الترشيح؟، وفي كل الأحوال هناك خلل في جميع ما ذكرت. ولا ينفي العامري وجود تدني في مستوى الرواية المحلية ربما لعامل النضج أو عامل مناخ الحرية ذاته «وفي كل الأحوال كنا نتمنى لو دخلت رواية سعودية هذه القائمة فما صدر من أعمال روائية كثير وكثير جدا». الروائي طاهر الزهراني، قال ليس لدينا تصور كامل عن نتاجنا رغم وقوفه على بعض الأعمال الجيدة «لكن بصراحة هناك رمال متحركة تغيب الأعمال الجيدة سببها غياب الحركة النقدية، والركون إلى التعميم الذي ينم عن جهل مركب»، وأضاف «في حالة عدم الاهتمام بالرواية محليا، من الطبيعي أن تغيب عربيا، وعالميا».