قالت صحيفة "القبس" الكويتية، الأحد: إن فوز الروائية السعودية رجاء عالم بجائزة "البوكر" العربية عن روايتها "طوق الحمام"، أعطى الأدباء السعوديين دفعة معنوية عالية للغاية، فالجائزة التي خاصمتهم طويلاً، ذهبت ولمرتين متتاليتين لمبدعين من المملكة، الأول كان عبده خال صاحب رواية "ترمي بشرر"، والثانية هي الفائزة الأخيرة بالمناصفة مع المغربي محمد الأشعري. ومنذ إعلان فوز رجاء عالم ومجتمعات الأدباء السعوديين والروائيين بشكل أخص، تشهد حالة من الابتهاج بهذا الإنجاز، كون الرواية السعودية أصبحت تحصد الجوائز المهمة على الصعيد العربي والعالمي. وفي تعليقه على هذا الفوز، نقلت الصحيفة عن الكاتب والناقد الدكتور عالي بن سرحان القرشي قوله: "رجاء عالم، روائية لها مكانها في الرواية العربية، وبلغت في مجال الفن الروائي مستوى متقدماً ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على مستوى الرواية العربية، فرجاء ليست مثل كثير من الروائيين الذين يشكلون عالم الرواية من عالم متكون، لكنها هي التي تشكل عالم الرواية، ثم تشكل روايتها وحركة شخصياتها، والعلاقات السردية داخل هذا العالم الذي هي شكلته أولاً، ولذلك نرى أن عالمها الروائي يمتد بالشخصيات في (لا زمن) إذا جاز التعبير، ذلك لأن العالم الذي تتحرك فيه الشخصية عالم يمتد في القدم حتى آفاق غير منظورة في بعض الأحيان، وتتكون فيه حركة هذه الشخصية وحركة هذا السرد، لذلك نجد أن شخصيات عالم لها علاقات تاريخية خلقتها الرواية، وهي في سرد الرواية تعيش في عوالم متحركة فيما بينها". قيمة رمزية كبيرة أما الناقد والمفكر السعودي عبد الله الغذامي، فقد أكد أنه لا يهنئ رجاء عالم فقط ولكنه أيضاً يقدم لها الشكر "لأنها ظلت تشرف اسمنا وتمنح ثقافتنا رمزية متعالية ودائمة التسامي، وحقاً سنقول: إن الجائزة ظرف يحفز القول ويدير الذكريات، ولكنها وبكل تأكيد لا تقرر مقام المبدعة ولا تصنع ذاكرتها". من جانب آخر، أشار رئيس نادي جدة الأدبي الثقافي الكاتب والناقد الدكتور عبد المحسن القحطاني، إلى أن فوز "عالم" مناصفة بالبوكر، يدل دلالة واضحة على أن الرواية محلياً، قد اكتمل قطباها النسائي منه والرجالي، في إبداع هذا الفن، مشيراً إلى ما حققته الرواية المحلية من فوز في العام الماضي، الذي جاء ممثلاً في فوز الروائي عبده خال عن روايته "ترمي بشرر". ولفت الروائي أحمد زين إلى أن "رجاء" ثاني اسم سعودي وأول كاتبة عربية تنال هذه الجائزة، وعد ذلك ليس انتصاراً للرواية السعودية، إنما تكريس للرواية الجيدة، الرواية التي لا تُقبل على الفضح والصدامية لذاتهما، ويتمثل همها الرئيسي في طرح نص خلاق ورؤية روائية تضيف للمنجز الروائي كله، بفتحها "السدود بين العصور واستلهام التاريخ لقراءة الحاضر واستلهام الحاضر لإعادة قراءة الماضي". وتقول الناقدة لمياء باعشن: إن فرحتها بفوز رجاء "شابها شيء من الخذلان، وذلك لتقسيم الجائزة على اثنين، فرجاء قامة في فن الرواية، وتستحق فعلاً أن تنفرد بالجائزة ولا يشاركها فيها أحد، حتى لو كان وزيراً سابقاً. أنا لا أعرف إن كانت اللجنة قد استكثرت فوز روائية سعودية بالجائزة الأولى منفردة، أم أن لدى اللجنة رغبة في التنويع الجغرافي للجائزة، بخاصة أن سعودياً آخر قد فاز بالجائزة في العام السابق، لكن في كل الأحوال كنت أتمنى لو انفردت رجاء عالم بالجائزة، لتجربتها الروائية الطويلة وغزارة إنتاجها المتميز ونضوجها الفني المتصاعد وحرصها الدءوب على تطوير أدواتها السردية". واعتبر الشاعر والروائي إبراهيم الوافي فوز رجاء عالم مؤشراً على أن النهضة الروائية تتمحور الآن في الجزيرة العربية من خلال فوز رجاء عالم في جائزة البوكر. وقال: إن الرواية الواقعية هي الرواية التي بدأت تشكل حضورها، فكثير من شعارات رواية "طوق الحمام" ترفع الآن في العالم العربي، وكل المؤشرات تدل على أن الرواية تتناول جوانب مهمة، فالرواية الواقعية التي يبحث عنها القارئ هي التي أصبحت تشكل السير الشعبية للجميع ويكون لها الحضور الأكبر. وتعد جائزة البوكر من أهم الجوائز الأدبية المخصصة للأعمال الروائية باللغة الإنجليزية، وأكثرها صدقية، وذلك منذ تأسيسها عام 1968. وتُمنح لأفضل رواية كتبها مواطن من المملكة المتحدة أو من دول الكومنولث أو من جمهورية إيرلندا. وأعضاء لجنة التحكيم في جائزة بوكر هم من نخبة النقاد والكُتاب والأكاديميين، ويتغيرون كل سنة للحفاظ على صدقية الجائزة ومستواها المهيب. وتفرعت من البوكر جائزتان عالميتان للرواية، هما: جائزة بوكر الروسية التي تأسست عام 1992، وجائزة كاين للأدب الإفريقي عام 2000. وقد أُطلقت الجائزة العالمية للرواية العربية رسمياً في أبو ظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، في إبريل 2007. وهي ثمرة تعاون وتنسيق بين مؤسسة بوكر ومؤسسة الإمارات، ومعهد وايد نفيلد للحوار الاستراتيجي، التي كانت تتوق إلى تطوير جائزة خاصة بالرواية العربية. والجائزة خاصة بالرواية، وهي تكافئ كلا من الروايات الست التي تصل إلى القائمة النهائية بعشرة آلاف دولار أمريكي، بالإضافة إلى 50 ألف دولار أمريكي للفائز.