أحياء سكنية عدة تطفو على مياه آسنة .. لا يجففها إلا الشمس والهواء. وأخرى يمتد بها الظمأ لأيام.. وتفتقد لخدمة الصرف الصحي. وفي موازاة كل ذلك تنشط شركة المياه الوطنية في نثر غراماتها على المستهلكين وتدعوهم إلى تكبد عناء المراجعة والسداد .. ويركض المستهلكون إلى أجهزة الصرف للسداد كأسرع وسيلة. يذكر المواطن أبوصقر أنه أضطر الى الحصول على إجازة من عمله ليتسنى له مراجعة شركة المياه التي اخطرته بمخالفات عدة كان مجموع غراماتها خمسة آلاف ريال حتى الآن. يقول: عند مراجعتي للشركة أظهروا لي صورا تزعم أن هناك تسربا من عداد المياه الخاص بي، والعجيب أن جميع الغرامات ماهي الا تكرار لمخالفة واحدة وهي مخالفة التسرب بل إن اثنتين من الغرامات فرضتا في يوم واحد. ويضيف أبو صقر «ظروفي العملية، كما أسلفت، لا تسمح لي بمراجعة الشركة التي تطلب مني ومن غيري الاعتراض على المخالفات برغم أن ذات الشركة لا تلتفت لهذه الاعتراضات، ولذا قمت بتوثيق المخالفات بكاميرتي الخاصة على غرار ما يفعله مراقبو الشركة لأثبت أن تسرب المياه ليس من عدادي. وإنما من موقع وتحديدا في شبكة المياه الواقعة جوار منزلي». يتساءل سعيد الجدعاني من جانبه «هل من المعقول أن نغادر مقار أعمالنا ونتأخر عن توصيل أبنائنا الى مدارسهم بسبب مراجعة الشركة ولدفع غراماتها المجحفة؟، ثم لماذا نفاجأ عند المراجعة بكم الغرامات الباهظة والمتكررة في بعض الاحيان .. أين مراقب الشركة عن مسببات المخالفة إن وجدت؟ الجدعاني أضاف: من المضحك أن تأتيني فاتورة مياه بقيمة (546) كاستهلاك ستة أشهر. ومن ثم تأتيني فاتورة أخرى بقيمة (480) ريالا برقم اشتراك لا يخصني، وعند مراجعتي للشركة طلب مني الموظف مقابلة أحد المسؤولين في مكتب الشركة الواقع في الجهة المقابلة من شارع التحلية .. فلماذا إذن أتحمل كل هذا العناء لتصحيح خطأ اقترفته الشركة؟ تونسي ناصر أحمد الخزامي يروي تجربته مع المياه فطيلة 39 عاما كان استهلاكه الشهري من المياه يقارب 29 ريالا في الشهر الواحد وطوال تلك الفترة لم يتعرض لغرامة أما الآن فشركة المياه تطالبه بدفع الفي ريال نظير مخالفة إخفاء معالم عداد المياه بسبب تكدس الأتربة على سطح العداد. وأضاف: «هل يعقل أن أغرم بسبب ذلك وأن يتكرر فرض الغرامة مرتين على ذات العداد. وفي كل مرة أغرم ألف ريال وبنفس المزاعم التي تسوقها الشركة». واستطرد الخزامي: «لم نعان ما نعانيه اليوم من مراجعات وادعاءات وغرامات باهظة مفروضة على المواطنين طيلة تسع وثلاثين عاما، فأين هم المسؤولون عن هذا القطاع لحماية المواطن؟ من جهته يتساءل جبران القحطاني عن دور الشركة في حماية عدادات المياه وأغطية الصرف الصحي. مشيرا الى أن دور الشركة اقتصر على المطالبة بدفع الرسوم فقط دون توفير بديل لأغطية الصرف وعداد المياه. كما تساءل عبدالله مبارك الزهراني عن غياب مراقبي الشركة الذين يمشطون الأحياء لفرض الغرامات عما يجري في حي المنتزهات حيث بحيرات المياه المختلطة بمياه الصرف الصحي، وقال: «أين مراقبو الشركة عن تسرب المياه المستمر طوال اليوم لدرجة ان الطلاب لا يذهبون إلى مدارسهم سيرا. حتى السيارات تضررت كثيرا وكأن الحي هطلت عليه أمطار كثيفة» سعود العتيبي يطالب شركة المياه بتعيين المزيد من الموظفين لخدمة المراجعين وقال: «لو ذهبت الآن الى مكتب الشركة ستجد قرابة ثلاثين مواطنا ينتظرون مراجعة معاملاتهم لدى الشركة .. فلماذا لا تقوم الشركة بإنجاز معاملاتهم بشكل أسرع طالما أنها تدعو المواطنينن لمراجعتها؟ شكاوى وتساؤلات المواطنين حملتها «عكاظ» إلى مدير العلاقات العامة والإعلام في وحدة أعمال جدة في شركة المياه الوطنية خالد عمر بادغيش، إلا أنه لم يجب على التساؤلات حتى إعداد التقرير. في المقابل حملت «عكاظ» الأسئلة إلى أستاذ القانون التجاري في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عمر فتحي الخولي الذي أشار إلى أنه من الواضح أن الشركة تعمل على رصد المخالفة على العميل ويحق للمستهلك الاعتراض في حالة عدم قانونية الغرامة من خلال لجنة خاصة تتبع لنفس للشركة إلا أن إجراءات هذه اللجنة قد تطول وهو مايعني أن المشترك يفضل دفع الغرامة على أن يقضي يومه في مراجعة الشركة. وأضاف: «بالتأكيد يحق للمشترك الطعن في صحة المخالفة سواء لدى الشركة أو الأجهزة المعنية بما فيها القضاء، لكن هناك من يفضل «الدفع» على تكبد مشقة المراجعات خاصة إذا ما كانت الغرامة زهيدة» كغرامة المئتي ريال مثلا، ولربما كانت هذه النظرة للأمور هي السبب في ضياع كثير من الحقوق.