حفظ تعتبر الحافلة إحدى وسائل النقل في المدن الكبيرة، وغالبا ما تكون ملكية خاصة، فلا يعمل بها إلا مواطنون سعوديون، ولا يسمح للمقيمين العمل عليها، وغالبا ما كنا نتنقل بها هربا من الزحام وخوفا من عناء البحث عن المواقف، والشاهد من إيراد وسيلة النقل هذه وسائقيها أنني كنت أرى أن الأطفال دون سن العاشرة يدفعون نصف الأجرة، وكأن هذا السعر الموحد لدى جميع سائقي الحافلات، وهذا الفعل لم يفرض عليهم من وزارة النقل، ولكن هي مبادرة منهم، أو بمعنى أصح هو «حس المواطنة»، وعلى الجهة الأخرى الخطوط السعودية هي وسيلة نقل أيضا، وهي تقدم نفس الخدمة، ولكن بشروط، وهنا يأتي الفرق!! فيجب على من أراد أن يستفيد من الخدمة أن يأتي بمشهد من المدرسة لكي تقدم له هذه الخدمة، وفي حال إغلاق المدرسة أو تعطل النظام لا يلتزمون بتقديم هذه الخدمة! وهذا لا يعني أن الخطوط السعودية لا تقدم خدمات للمجتمع، فأغلب صالات المطارات بالمملكة توجد بها لوحات تحذيرية تخبرك بأن التدخين مضر بالصحة!! وقس على ذلك بعض الشركات، فالشركات التي تجني من هذا الوطن الأموال الطائلة تتهرب من خدمة المجتمع بحجة إخراج الزكاة، وهناك فرق في الحالتين، فالزكاة تعطى لمستحقيها فقط وهي واجب شرعي، أما خدمة المجتمع، فتقدم للجميع ويستفيد منها جميع المواطنين بخلاف الزكاة، وسأذكر هنا مثالا رائعا تقدمت به شركة الاتصالات للمجتمع، وهو إنشاء عدد 300 مستوصف في جميع أنحاء المملكة، مع العلم أنها تقدم الزكاة في كل عام، والشيء بالشيء يذكر، فأرامكو أيضا تقدم خدمات اجتماعية، ولكنها تقدمها على استحياء، وهذا الحياء يأتي لأنهم يعلمون بأنهم يستطيعون تقديم الأفضل، ولكنهم رضوا بتقديم القليل في ظل الغياب الجماعي للبنوك والشركات الأخرى. وهنا يجب أن نذكر الأمور الجليلة مثل مشروع (باب رزق جميل) و(فينا خير). إن الشراكة المجتمعية تستلزم وضع رؤية وآلية تقوم على قواعد من الفهم المشترك بين كافة القطاعات، وبما يؤدي إلى تحقيق التأثير الإيجابي، وهي عملية تستند على مرجعيات تشريعية وقانونية، والتي تعمل بها وفق ضوابط عمل تنظم العلاقة بين هذه الأطراف في تيسير الأنشطة والبرامج والخطط، وهي دليل حي على حس المواطنة.