? عبدالله الداني (جدة) شارك من خلال تويتر فيسبوك جوجل بلس اكتب رأيك حفظ يحسم مجلس الشورى اليوم الجدل الدائر حول وثيقة السياسة السكانية، خاصة ما يتعلق بخفض معدلات الخصوبة (تحديد النسل)، من خلال التصويت بإجازتها أو التحفظ عليها، وبالتالي يرفع الأمر إلى الملك. وقد أعاد انقسام أعضاء الشورى الأسبوع الماضي حول هذا الأمر، القضية مجددا إلى السطح بعد أن توارت طويلا، وجاءت ردود الأفعال ما بين مؤيد ومعارض سواء في ما يتعلق بالرأي العام أو في داخل المجلس نفسه أثناء التصويت على الوثيقة. وأبرز هذا النقاش الخلاف الفقهي بهذا الشأن، خصوصا تلك الفتاوى التي تحرم مبدأ تحديد النسل استنادا إلى النصوص الشرعية التي تحث على التكاثر والتوالد، فيما يطرح آخرون مسألة التنظيم كجانب صحي واقتصادي واجتماعي لا يؤثر على حكمة الشرع المطهر في كثرة التوالد والإنجاب لكن بطريقة مدروسة ومنظمة، وأن الأمر لا يعني قطع النسل بتاتا. التنظيم واجب أحيانا بداية يؤكد وزير العدل عضو هيئة كبار العلماء الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن كيان المجتمع والأمة يتكون من لبنة الأسرة التي يجب أن تؤسس بعناية، مشددا على أهمية التخطيط في تسيير بيت الزوجية. وحذر العيسى، من الفوضوية في تدبير شؤون العائلة، ونبه على أنه في بعض الحالات يكون تنظيم النسل واجبا لئلا نقدم للمجتمع والوطن والأمة من هو عالة عليها، وإذا كان المولى جل وعلا قال: «وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله»، وهو منع يتعلق بأصل البناء الزوجي وهو في العموم من الندب إليه والتأكيد عليه بمكان، فكيف بما هو دونه. سياسات الإنسان الداخلية ويوضح مدير مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة الدكتور عياض بن نامي السلمي أن هناك فرقا بين التنظيم والتحديد، فالتنظيم من سياسات الإنسان وإدارته لأموره الداخلية، أما القطع النهائي والجزم بتحديد مولود واحد فهذا الممنوع، وقال إن التنظيم جائز «بشرط ألا يؤدي لقطع النسل نهائيا، وهذا ما استقر عليه الفقهاء مؤخرا». لا يجوز القطع بالكلية لكن عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان ينبه إلى أنه لا يجوز قطع النسل بالكلية لمخالفة ذلك لمقصود الشارع وأمره بتكثيره، وقال في إجابة له على سؤال حيال المسح على لصقات منع الحمل «القول بجواز المسح على تلك اللصقات إنما هو لمن يريد تنظيم النسل فقط، دون قطعه بالكلية». تحديد النسل لا يجوز أما عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، فيقول: تحديد النسل خوفا من ضيق الرزق لا يجوز، لأن الرزق بيد الله عز وجل، فهو الذي قدر الآجال والأرزاق، وما من مولود يولد إلا وقد قدر له رزقه كما قدر له أجله، والله سبحانه وتعالى يقول: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم)، فهذا فيه شبه من فعل الجاهلية الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر. وأضاف: العلة واحدة ولا يجوز مثل هذا، والأرزاق بيد الله عز وجل، وتحديد النسل خوفا من الفقر فيه إساءة ظن بالله عز وجل، فعليك أن تتوكل على الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى يرزق من يشاء بغير حساب، فأحسن الظن بربك ولا تتطرق إليك هذه الهواجس، فأنت لا تدري الخير والمصلحة، يقول الله سبحانه وتعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون). وبين أنه إذا كان هذا التنظيم أو تأخير الحمل لداعٍ صحي بالمرأة؛ ككون المرأة مثلا لا تطيق الحمل والولادة في حالة خاصة، أو ظرف خاص لمرضها، فإنه لا مانع من أن تعطي ما يمنع الحمل مؤقتا حتى تزول هذه الحالة التي يشق عليها فيها الحمل والولادة، فهذا يكون من باب الوقاية والعلاج لا من باب تحديد النسل أو تأخير النسل خشية الفقر.