حفظ يحسم التونسيون اليوم أمرهم بين الباجي قايد السبسي والمنصف المرزوقي، اللذين تمكنا من وضع الصراع الانتخابي بين الدولة والثورة، ما وضع جمهور الناخبين في حيرة، وتمكنا من فرض جولة إعادة في سياق لم ينجح التونسيون في التخلص منه. فقد اختار المرزوقي أن يضع التنافس الانتخابي بين النظام القديم والجديد، وقدم نفسه كضمانة للحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة، ولعدم انتكاسة البلاد، ولم يكن منافسه السبسي أقل استماتة منه في تركيز حملته الانتخابية على إعادة هيبة الدولة والتمسك بشعار «بين الدولة والفوضى».. ومطالبته التونسيين أن يختاروا بين الرجوع إلى الترويكا (حزب النهضة الإسلامي وحليفاه التكتل والمؤتمر) التي خربت البلاد خلال ثلاث سنوات أو أناس آخرين يريدون مستقبلا أفضل لتونس. وإذا كان من المفترض أن تنهي الانتخابات الرئاسية اليوم الأحد مرحلة انتقالية صعبة تعيشها تونس منذ مطلع 2011 وحتى الآن، فإن أمل التونسيين أن يفوزوا بالدولة والثورة معا، فهم لا يريدون خسارة دولة بنوها، ولا التخلي عن ثورة دفعوا ثمنها من دمائهم. حيرة أكثر من خمسة ملايين تونسي تنتهي اليوم في صندوق الانتخاب، بيد أن مؤشرات ما جرى في الجولة الأولى والذي عكست نتائجها تفوق السبسي بنسبة 6 % على المرزوقي، ربما يدلل على مزاجية الرأي العام التونسي وميله نحو مؤسس ورئيس حزب «نداء تونس»، فإذا أضفنا إلى ذلك الفوز في الانتخابات التشريعية وحصول حزبه على 86 مقعدا من إجمالي مقاعد البرلمان البالغة 217، مقابل 69 مقعدا لحركة النهضة الإسلامية، فإن رئاسة تونس تبدو في طريقها إلى الباجي السبسي، لكن تظل المفاجآت واردة ولو بنسبة ضئيلة