انتخب نواب البرلمان التونسي أمس النائب عن حزب حركة نداء تونس، محمد الناصر، رئيساً لأول برلمان منتخب بعد الثورة، فيما فاز القيادي البارز في حركة النهضة، عبدالفتاح مورو، بمنصب النائب الأول له. وصوَّت 176 نائباً للمرشح الوحيد لمنصب رئيس المجلس، محمد الناصر (80 عاماً) من بين 214 صوتاً، مقابل أربع أوراق ملغاة و34 ورقة بيضاء. وكانت الجلسة الافتتاحية لأول برلمان منتخب بعد الثورة انعقدت أمس الأول الأربعاء، لكن الكتل النيابية الكبرى لم تتوصل إلى التوافق حول مرشح لرئاسة المجلس وتم الإبقاء على الجلسة مفتوحة حتى يوم أمس لمزيدٍ من التشاور. ودفع حزب حركة نداء تونس الفائز بالأغلبية (86 مقعداً من بين 217) بمرشحه الناصر لتولي رئاسة المجلس؛ وهو سياسي مخضرم عمل في حكومات سابقة خلال حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، ويوصف بأنه مهندس نظام الشؤون الاجتماعية في سبعينيات القرن الماضي. كما تولى الناصر منصب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة الباجي قايد السبسي المؤقتة بعد الثورة عام 2011. وانتخب نواب المجلس عبدالفتاح مورو نائباً أول لرئيس المجلس، وهو أحد أبرز قادة حركة النهضة ومؤسسيها. وحصل مورو على 157 صوتاً مقابل 33 صوتاً للمرشحة الثانية للمنصب، مباركة البراهمي، أرملة النائب الراحل محمد البراهمي والنائبة عن الجبهة الشعبية. وكانت حركة النهضة حلَّت ثانية في الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر الماضي بفوزها ب 69 مقعداً. وعلى صعيد انتخابات الرئاسة، قال حزب المؤتمر من أجل الجمهورية إن «الزلات المتكررة» لمرشح حزب نداء تونس، الباجي قايد السبسي، ستصب في مصلحة الرئيس المؤقت الحالي المنصف المرزوقي خلال الجولة الثانية من السباق الرئاسي. واعتبر أمين عام حزب المؤتمر، عماد الدايمي، أن «المرزوقي، وهو مرشح المؤتمر، يدخل الدور الثاني لانتخابات الرئاسة بأوفر الحظوظ للفوز باعتبار أن قاعدته الانتخابية منتشرة في كامل تونس ولدى الجالية التونسية في الخارج». ورأى أن ما عزز من حظوظ المرزوقي «الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها المنافس في الفترة الأخيرة في تصريحات غير مسؤولة وهجوم على الناخبين وفي زلات اللسان الكثيرة التي قام بها». ويقصد الدايمي أساساً التصريحات التي أدلى بها الباجي قايد السبسي لراديو «مونت كارلو» الفرنسي. وعقب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في دورها الأول، قال السبسي للإذاعة إن السلفيين الجهاديين وأنصار الإسلام السياسي والعنف صوَّتوا للمرزوقي. ودفعت التصريحات إلى خروج احتجاجات في مدن الجنوب التونسي كونها صوَّتت بالأغلبية للمرزوقي، وترافق ذلك مع تصاعد الحرب الكلامية بين فريقي المرشحين الرئيسين للمنصب الرئاسي ما أدى إلى مخاوف من تفجير نعرات جهوية بين أقاليم البلاد والانزلاق إلى الفوضى. ويردد المرزوقي أن احتمال فوز حركة نداء تونس بالرئاسة إلى جانب فوزه بالأغلبية في مجلس النواب وإشرافه على تشكيل الحكومة المقبلة سيفقد البلاد التوازن السياسي وسيدفع إلى العودة نحو مربع الديكتاتورية وحكم الحزب الواحد. لكن حزب حركة نداء تونس الذي أسسه السبسي (87 عاماً) قبل عامين فقط لمنع هيمنة حركة النهضة على الساحة السياسية بعد الثورة؛ أعلن أنه لا يسعى إلى الانفراد بكافة السلطات لكنَّ معارضيه ينظرون إلى مواقفه بتحفُّظ. ويقول الدايمي إن «شهوة التسلط تغلب على تصريحات قياديي النداء وهي تهدد الحريات، لكن هذا يعطي صورة للمرزوقي كضمانة للاستقرار والسقف العالي للحريات». وحلَّ المرزوقي الذي رشح نفسه كمستقل في المركز الثاني خلف السبسي في الدور الأول للانتخابات الرئاسية، لكن على خلاف التوقعات جاء على مسافة قريبة منه تناهز ال 6% من أصوات الناخبين، ما يفتح الباب أمام كل الاحتمالات في الدور الثاني. ويدرك المراقبون في تونس أن صعود المرزوقي في الدور الثاني يتوقف عملياً على استمرار دعم قواعد حركة النهضة التي التزم قادتها الحياد رسمياً في الدور الأول.