شيء جميل أن نقرأ، (ذكريات) أو المذكرات لعدد من الشخصيات الهامة في مجتمعنا. شخصيات أدت دورا إيجابيا في الحياة، ومن هنا كانت بعض تلك (المتذكرات) في قراءتها أكثر متعة من غيرها من السطور! والواقع أن كتابة الذكريات ليس بالعمل الكتابي السهل، وفي رأيي أنه في بعض الأحيان أصعب من الكتابة في السياسة أو الاقتصاد أو ما شابه؟ صحيح أن الذكريات لا تحتاج في كتابتها إلى مراجع علمية أو تاريخية أو البحث في مكتبات، ولكنها في حاجة إلى حياة مليئة بالأحداث والحوادث والمساهمات، ولعل الأهم في ذلك هو ضرورة وجود ذاكرة لا تزال تحتفظ بالكثير، والذكريات عادة تكتب أو تستكتب في سن الشيخوخة أو ما قبلها بقليل، في سن قد أخذت عوامل (التعرية) تمحو العديد من خلايا الدماغ، ولكن يبدو أن ما سجل في الصغر وفي ريعان الشباب يظل كالنقش في الحجر، يدوم طويلا ولا يتأذى بعوامل الزمن؟ لذا نجد أن كل شيخ كبير في استطاعته أن يسرد عليك أحداث أيام صباه وطفولته ومما مر عليه بصورة جيدة ومتقنة وكأنها كاميرا ترسم الواقع وليس فيها الكثير من الرتوش. والصدى الذي تتركه (الذكريات) في نفوس المستمعين أو القراء، يختلف باختلاف التلقين، وهناك في رأيي ثلاثة أنواع من المتلقين: الأول وهو الأكثر سعادة بقراءة الذكريات، وهو شخص إما أن يكون ممن شارك في تلك الأحداث أو الذكريات أو عاش تلك الأيام وصادفت الذكريات هوى في نفسه، فنجده سعيدا مشيدا بها؟ الثاني عادة يكون ممن عايش تلك الحقبة من الزمن وله صلة بالأحداث ولكن لم يشر إليه تصريحا أو تلميحا، أو لا يصادف ما ورد في الذكريات هوى في نفسه؟ فهو من الساخطين المكذبين، وهناك شخص ثالث من القراء، وهو الذي لم يكن (هناك)، لا في الوقت ولا في المكان، فهو المستمتع بقراءة الذكريات المقدر لما بذل فيها من جهد وعناء. وعلى كل فهذه (الظاهرة) الجديدة في الصحف فيها متعة للقراء، تبعدهم قليلا عن الأخبار التي تسبب الاكتئاب.