الصديق الوفي الذي لم يتخل عنا يوم نحتاجه ولم نقصده ليلا ولا نهارا إلا وقد فتح صدره الرحب لنا ليفيدنا بكل ما نريد. فقد حفظ لنا تاريخنا وزادنا علما ومعرفة وسرد لنا أنواع القصص وأطربنا بشعره ونثره ليضمنا بين ثناياه برحلة تغوص بنا إلى عالمه وداخل أغلفته ينتظر قدومنا إليه بفارغ الصبر بلا ضجر ولا ملل، إنه الصديق الذي لا نستطيع أن نوفيه حقه مهما سردنا من كلمات. ولكي نعطي كل ذي حق حقه فيجب أن لا ننكر فضل صديق الكتاب الأول وتوأم روحه ومنبع وجوده وهو القلم. فلو لم يوجد القلم لما وجد الكتاب وإن لم يوجد الكتاب ما عرفنا قيمة القلم فقد سطر لنا القلم كل ما كان وما نود معرفته وأخذنا بحبره إلى سطور العلم والخيال والمعرفة وعاش بعده كتابه على مر العصور لايزالان بيننا مخلدين فلا عجب أن أقسم به رب العالمين. دائما ما أتغزل بجمال هؤلاء التوأمين وبمحاسنهما وفضلهما وأتساءل من منهما الأروع ومن له الفضل عن الآخر. وكأني أسأل نفسي عن من جاء أولا البيضة أم الدجاجة، فأقع في حيرة ولا أجد إجابة لتساؤلي فهما كما يقال (فولة وانقسمت نصفين) لأنسي نفسي عن المقارنة بينهما وأكتفي بالاستمتاع بجمال وتشابه هذين التوأمين وأستمتع بحضورهما معا فما أروعهما عندما يكونان متفقين. وبينما أقف مستمتعا بهما أجد من يهزني بيديه على كتفي ويهتف بصوته على مقربة مني قائلا: (أنا الأفضل منهما جميعا)، فسألته متعجبا ومن يكون الأستاذ الواثق من نفسه، فأجابني بصوت يملؤه الثقة (أنا القارئ )، فلو لم أكن موجودا لما ارتقت قيمة صديقك الكتاب عاليا ليخدمني وما سطر أخوه القلم بحبره لتصل رسالته إلي.. فتبسمت له وقلت صدقت .. فقد بدأ المولى عز وجل كتابه بكلمة إقرأ.