منذ عام 1989 تنبه العالم لاحتياجات الطفولة وأهمية رعايتها بموجب قانون دولي يلزم الدول بتنفيذ بنود الاتفاقية بما يكفل للطفل حقوقا وواجبات قد يكون أهمها عدم التميز والحق في الحياة والبقاء والنماء واحترام رأيه. وقد تولد ذلك الاهتمام عن اتفاقية دولية تعد المرجع القانوي لأي اضطهاد يمارس ضد الطفولة، والمملكة من الدول التي وقعت على تلك الاتفاقية. والاضطهاد ليس مقتصرا على الإيذاء الجسدي إذ تتشكل صوره وأضراره بتشكل الاحتياجات الحياتية. ومن خلال حياتنا اليومية وما تبثه وسائل الإعلام تنبه الجميع إلى الأضرار الجسدية التي تلحق ببعض الأطفال فتستجيب الأجهزة التنفيذية لملاحقة من يقوم بتلك الأفعال إلا أن هناك واجبات وحقوقا لم نتنبه لها كتنبهنا للإيذاء الجسدي، وهي حقوق لا تقل أهمية عن حماية الجسد، ومن تلك الحقوق الغائبة أحقية التعليم على سبيل المثال ..ولو بسطنا هذه القضية فسوف نجد كثيرا من الأطفال محرومين من التعليم لأسباب عديدة تبدأ من موقف الوالدين (أو أحدهما) وتنتهي بالنظام الذي يقف صارما حيال عدم قبول الأطفال من غير أوراق رسمية . ونعرف تماما أن هناك آباء يمتنعون عن إعطاء أبنائهم الأوراق الرسمية (وهذه قد تم تجاوزها بقرارات صارمة أنهت هذا النوع من حرمان الطفل للتعليم) والصورة الغائبة أن هناك آباء يرفضون تعليم أبنائهم بحجج ضعيفة ومتهاوية هي نتاج تشدد ديني (غريب) له موقف من الحياة برمتها فيمارسون أساليب قمع على أبنائهم ومثل هؤلاء يجب أن تتحرك الجهات المعنية لإرغامهم على تسجيل أبنائهم في المدارس فكما تستجيب الجهات المعنية لإنقاذ طفل يتعرض للتعذيب الجسدي على الجهات نفسها الاستجابة لإنقاذ من يحرم من نعمة التعليم. إلا أن الصورة الأكثر وضوحا هي الخاصة بالوافدين إذ أن كثيرا من أطفالهم تتعطل أوراقهم الرسمية لأسباب عديدة (يكون ذووهم المتسببين في عدم إنجازها) وأعتقد أنه في مثل هذه الحالات على إدارات التعليم قبول هؤلاء الأطفال مع أخذ التعهدات من أولياء الأمور باستكمال الأوراق الرسمية فالطفل في كل حالاته لا يعاقب بإهمال ذويه أو عدم اهتمامهم.