على مستوى مسؤوليات وواجبات المؤسسات فإن الأنظمة هي التي تحكم علاقة الناس ببعضهم وليس (حب الخشوم) وسامحنا غلطانين وكنا نظن وما إلى ذلك من أعذار واهية لا تقدم ولا تؤخر. أما إذا أردتم التمسك بهذه العادة فلا مانع بشرط أن يصاحبها إنفاذ للقانون على من أخطأ في حق أحد أو اتهمه بما ليس فيه. أي أن نستقبل قبلات المخطئين من غير أن نلغي التصرف تجاه الخطأ الذي ارتكب هنا أو هناك، لكي لا يتكرر ثم نعود مرة أخرى نقفز على (الخشوم) وأصحابها وهكذا دواليك. نريد فعلا أن نؤطر كل العلاقات بين الأجهزة والمواطنين، وبين المواطنين وبعضهم، على أساس من احترام خصوصية الآخر وبراءته وبياض تصرفاته، بدلا من هذه (الشواحن) اليومية. وهذا أمر طبيعي جبل عليه الناس منذ الأزل وليس اختراعا ابتدعناه أمس ونحاول أن نفرضه اليوم. وبالتالي ما هو مفروض أولا قبل الوقوع في ورطات (حب الخشوم) أن نحسن الظن بالآخرين وتقديم حسن النية في النظر إلى حركاتهم وسكناتهم وتصرفاتهم، لكي نقطع الطريق على هذه التهم الجاهزة من المتبرعين، وربما من الكيديين، التي توقعنا تكرارا ومرارا بمزيد من الأخطاء في حقوق الناس وخطأ الحكم على نتائج أعمالهم. ثانيا، وهذا ما أصر وأوكد عليه، نضع من الأنظمة وتطبيقاتها ما هو كفيل بردع كل شخص يسيء إلى شخص آخر حتى لو تنازل من أسيء إليه، لأن حقه في التنازل إذا سقط لا يجب أن يسقط حق المجتمع في الاطمئنان بأن هناك وعاء نظاميا يدافع عنهم. ما أريد قوله، وهو قابل للنقاش في كل حين، إن المجتمع، أي مجتمع، تضبطه الأنظمة المنظمة لعلاقة أفراده ببعضهم. وإذا استخدمت العادات و(المحبات) فهذا جيد بشرط ألا يترك حبل هذه العادات على غارب التصرفات.