أنعم الله على هذه البلاد بوجود الحرمين الشريفين مهوى الأفئدة يتوافد إليها ملايين المسلمين في كل عام من أصقاع الأرض لأداء فريضة الحج والعمرة، ومع أن موسم الحج لوحده يجتذب حوالى 2.5 مليون مسلم إلى مكة والمدينة، وعبر مدينة جدة، إلا أن توافد المسلمين على هذه البلاد الشريفة مستمر على مدار العام ، هناك 1.8 مليار مسلم في العالم يزيدون بمعدل 6.7% سنويا أغلبهم يتطلع لأداء فريضة الحج والعمرة ويبلغ عدد الزوار المسلمين للمملكة سنويا حوالى 12 مليونا يتوقع أن يزيد عددهم إلى حوالى 17 مليونا خلال السنوات العشر المقبلة. تنفق الحكومة السعودية في كل عام مليارات الريالات لتوسعة الحرمين والمشاعر المقدسة من أجل تسهيل أداء المناسك على الحجاج والمعتمرين ولم تتوقف عن ذلك الإنفاق حتى في ظل الأزمات الاقتصادية الحادة، وعجز الموازنات فقد وضعت لمشاريع الحج الأولوية في الإنفاق حتى على حساب المشاريع التنموية الضرورية للبلد مثل مشاريع الصحة والتعليم ولا شك أن خدمة ضيوف الرحمن شرف والتزام على الدولة يجب أن توليه كامل الاهتمام والعناية، وفي المقابل لابد أن تتغير النظرة في اقتصاد الحج والعمرة والبحث عن السبل التي تزيد من مداخيل هذه المناسبات سواء كان ذلك من خلال زيادة أعداد القادمين أو من خلال تطوير وتحسين الفرص البيعية والتجارية فلا ضير في ذلك فقد ثبت على مر العصور أن موسم الحج كان من أهم الموارد الاقتصادية لسكان مكة والمدينة، بل إنها كانت المورد الوحيد لهم، ومنافع الحج ذكرها الله في القرآن؛ وذلك في قوله تعالى : ( ليشْهدوا منافع لَهم ويذكروا اسم اللّه في أيام معلومات ). ومع أهمية الآثار الاقتصادية للحج على الاقتصاد الجزئي والكلي، غير أنه لا يمكن الحصول على أرقام دقيقة وموثوقة لقياس هذه الآثار، وهنا تأتي الحاجة إلى إنشاء إدارة متخصصة في اقتصاد الحج تهتم بجمع البيانات، ورصد حجم الإنفاق الذي تنفقه الدولة، وكذلك حجم العوائد والمداخيل المتحصلة من الحج حتى تكون الصورة واضحة وعلى ضوئها يتم وضع الدراسات الاستراتيجة للأعوام المقبلة لتعظيم المنافع، وزيادة المداخيل على الأقل بما يتوازى مع حجم الإنفاق، ولابد أيضا من تطوير الصناعات المرتبطة بالحج، حيث نجد أن معظم البضائع والسلع اللازمة للحج تصنع في الخارج، وقد تأتي من دول غير إسلامية. إن الحاج يريد أن يتحصل على هدايا وكماليات تنتج في بلاد الحرمين لتكون تذكارا له، من أجل ذلك لابد أن تدعم الجهات المعنية كل مايعنى بصناعات الحج وتطويرها، وتذليل كافة الصعوبات التي تواجهها، وكذلك دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تسهم في مشاريع واقتصاديات الحج سواء كانت تجارية أو خدمية، ويجب الحذر من أن تذهب التراخيص إلى سعوديين يتسترون على العمالة الأجنبية التي تقوم بخدمات الحج مثل: النقل والإسكان والإعاشة وتتسبب في تقديم خدمات يشوبها كثير من القصور من أجل تعظيم الربح على حساب الجودة.