يتكرر المشهد كل عام، ويقف المسلمون على أطهر البقاع وتتعالى في مشعر منى يوم التروية الدعوات بالرحمة والغفران والقبول، كل هذا التجمع البشري المهول يقضي نحو 96 ساعة في أضيق الحدود المكانية وفق ضوابط زمنية لتحركاتهم وتنقلاتهم، ومع هذا لا يجدون من يعكر الصفو أو يخل بالأمن. فقيادة المملكة وضعت الحج والحجاج في هرم الأولويات التي لا ينبغي المساس بها، وذللت كافة الصعاب لتحقيق أماني تلك الوفود في أمن ويسر تحقيقا للنهج القويم الممتد منذ تأسيس المملكة وحتى يومنا هذا. هكذا يقف يوم التروية شاهدا للتاريخ على أن العطاء السعودي سيمضي في درب الانتماء للوطن والدين والعقيدة، وما مشاريع التنمية الضخمة التي تزخر بها المشاعر المقدسة إلا دليل قاطع على الاهتمام بالبقاع المقدسة. إن الراصد المنصف لمسيرة التنمية في بناء المشاعر المقدسة يدرك حتما أن ثمة حراكا تنمويا مهولا فيها يتجدد في كل عام خدمة لضيوف الرحمن ويوازيه جهد أمني وبشري كبير يؤمن إدارة تلك الحشود البشرية بين تحديات المكان والزمان ويعكس صورة حقيقية لحجم العطاء السعودي تجاه البقاع المقدسة.