مع بداية موسم الأمطار والسيول تنتاب الأهالي في منطقة عسير الكثير من المخاوف، خاصة أن المياه لا تشكل خطرا فقط لمتجاوزي الخطوط الحمراء من عابري الأودية، بل تمتد إلى المنازل في الكثير من القرى والمراكز، مما يضع الأهالي في حرج بالغ عن كيفية مواجهة تلك المخاطر. ومع أن البعض ينظر لسكان الأودية على اعتبار أنهم متعدون على خط سير السيول، إلا أن البعض الآخر يعتبر أن هناك جهودا أخرى غائبة يجب تفعيلها حتى يتم تلافي مخاطر غرق المنازل. وفي تهامة عسير لا تزال مشاهد الغرق والإنقاذ والجرف تلاحق مخيلة وذاكرة الأهالي، التي تتجدد مع هطول الأمطار، لتتحول الفرحة بجريان المياه واخضرار الأرض إلى أحزان ببقايا الملابس أو السيارات الغارقة في الوحل. ويؤكد عبدالله صالح أن موسم الأمطار في تهامة عسير لا يزال محفوفا بالمخاطر، بسبب الطبيعة الجغرافية التي تعتبر عاملا مساعدا لأن تكون هذه الأمطار مصدر خطر، بانحدار السيول من أعالي الجبال الشاهقة وبسرعة وكذا وجود الأودية التي تعد عوامل مساعدة للخطر المباغت ويكفي مثالا الأشخاص الذين التهمتهم السيول وكذلك المباني التي جرفتها وحولتها إلى ركام والمسطحات الزراعية التي لم يعد لها أثر. وبين أن تلافي المخاطر يأتي بتحذير كل مواطن من السيول، لأخذ الحيطة والحذر واتباع التوجيهات الصائبة من قبل الجهات المختصة بالدفاع المدني حتى لا يعرض نفسه والآخرين إلى خطر. ويؤكد علي محمد عسيري من سكان مركز خلال في تهامة عسير أن سكان تهامة عسير يعلمون خطورة الموسم وهناك العديد من الحوادث المؤسفة وحالات الغرق والفقد التي حدثت سابقا، وهذا لا يعني أن هناك تقصيرا من الجهات المعنية، مبينا أن البعض لا يزال يخاطر أثناء جريان السيول أو الافتراش في بطون الأودية. ويشير علي عضوان عسيري إلى أن موسم الأمطار للأسف في تهامة عسير، بات لا يحمل أي مظاهر جمالية في ظل التبعات التي تخلف الكثير من الضحايا. ويعتبر عبدالله مشيرب من سكان بلدة عشرة أسفل عقبة شعار السيول مهددا واضحا لمنازلهم، وقال: الخوف ينتابنا دائما، وللأسف لا نستطيع توفير منازل بديلة، بالرغم من أن مشاهد الموت وجرف البشر والأغنام تلاحقنا، خاصة أن لدي أغناما سبق أن جرفتها السيول في وادي عرم، كما جرفت سيول وادي تيه مناحل النحل، بالإضافة إلى مزارع ومحاصيل. ويرى عسيري أن المشكلة تكمن في المزارع والمساكن في بطون الأودية وأنها السبب في هذه المأساة وتنذر بكارثة، لذا الدور هام على الجهات المختصة، خاصة بلدية محايل عسير التي عليها توفير قنوات لتصريف السيول في بعض المواقع. وأكد مصدر في بلدية محايل أن القنوات متوفرة ونجحت في الحد من حدوث كوارث، مشيرا إلى أن العمل لا يزال قائما على إضافة عدد من القنوات، مبينا أنه مع أن المواطن يقع على عاتقه جانب من المسؤولية الكبيرة في أهمية تجنب مجاري الأودية وعدم إقامة المنازل فيها، إلا أن الجهات المختصة لها دور في توفير السكن المناسب بعيدا عن تلك المخاطر. من جانبه أوضح ل(عكاظ) الناطق الإعلامي للدفاع المدني بمنطقة عسير العقيد محمد عبدالرحيم العاصمي أن ما يحدث في سلسلة جبال السروات نجد أن هناك أودية مشهورة تتجه نحو الشرق وسيولها أخف ضررا لاتساع الأودية، وسيولا أخرى تتجه نحو الغرب (تهامة) ثم البحر الأحمر وهذه هي سرعة جريان السيول على العكس فيما يحدث في تهامة عسير. وأضاف العاصمي أن مصلحة الأرصاد وحماية البيئة تشعرنا بتنبؤاتها عند هطول الأمطار وعلى ضوء ذلك يتم عمل خطة متكاملة وترفع بعض درجات الاستعداد على حسب بعض الحالات، مشيرا إلى أن مديرية الدفاع المدني بمنطقة عسير بينت أن أسباب الحوادث المتكررة والمتمثلة في جرف الأشخاص أو السيارات تعود لسببين، الأول: المجازفة باجتياز الوادي بالسيارة أثناء وجود السيل لعدم تحلي الناس بالصبر والانتظار حتى يخف جريانه، وعدم المخاطرة باجتياز السيول إلا بعد انخفاض منسوبها إلى 20 سم، وفي الحالات الضرورية لا يزيد المستوى عن 50 سم، وهذا بالطبع للسيارات الكبيرة المرتفعة وباتجاه عرض الوادي إن كان قصيرا وليس بطول الوادي، أما السيارات القصيرة فلا يجوز تعريضها لجريان السيل ولا يجوز نهائيا المخاطرة بها. وبين أن أغلب الحوادث التي تقع خلال موسم الأمطار هي نتيجة المجازفة باجتياز الأودية مع ارتفاع منسوب المياه فيها، أما بالنسبة للسبب الثاني فهو يعود إلى أن بعض الأشخاص يقومون بالتخييم والافتراش أو النوم ليلا في بطون الأودية، وهذا يعني أنهم معرضون لمداهمة السيول المنقولة بدون سابق إنذار. وأشار إلى أن فرص النجاة للأشخاص الذين تجرفهم السيول نادرة جدا، مبينا أن مواجهة حوادث إنقاذ الأشخاص من أصعب الحوادث التي يواجهها رجال الدفاع المدني، لذا على كافة المواطنين والمقيمين اتباع إرشادات السلامة وتوخي الحذر في مثل هذا الموسم وعدم المجازفة بالأرواح.